وأداء الزكاة ، فمن استجاب منهم جمعت زكاته فترسل (١) لي يا رسول الله لإبّان كذا وكذا لآتيك بما جمعت من الزكاة ، فلما جمع الحارث ممن استجاب له وبلغ الإبّان الذي أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يبعث إليه احتبس عليه الرّسول فلم يأته ، فظنّ الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله ومن رسوله ، فدعا سروات قومه فقال لهم : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد كان وقّت لي وقتا ليرسل إليّ برسوله ليقبض ما كان عندي من الزّكاة ، وليس من رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخلف ، ولا أرى رسوله احتبس إلّا من سخطة كانت ، فانطلقوا فنأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم وليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة ، فلمّا أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق ، فرجع فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، إنّ الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي ، فضرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم البعث إلى الحارث ، وأقبل الحارث بأصحابه إذا استقبل البعث وفصل من المدينة إذ (٢) لقيهم الحارث فقالوا : هذا الحارث ، فلما غشيهم قال : إلى من بعثتم؟ قالوا : إليك ، قال : ولم؟ قالوا : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان بعث إليك الوليد ابن عقبة فرجع إليه ، فزعم أنك منعته الزّكاة وأردت قتله ، فقال : لا والّذي بعث محمّدا بالحق ما رأيته ولا أتاني ، فلمّا أن دخل الحارث على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟» قال : لا ، والذي بعثك بالحقّ ما رأيته ولا أتاني ، وما أقبلت إلّا حين احتبس عليّ رسولك ، خشيت أن تكون كانت سخطة من الله ومن رسوله ، فنزلت الحجرات : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) إلى قوله : (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [١٢٩٦٧].
قال ابن مندة : هذا حديث غريب ، لم نكتبه إلّا من هذا الوجه (٣).
وقد روي من وجه آخر.
أخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر المستملي ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أحمد بن كامل القاضي ، حدّثنا محمّد بن سعد
__________________
(١) بالأصل وم : «فيرسلوا» والمثبت عن «ز».
(٢) الأصل وم : إذا ، والمثبت عن «ز».
(٣) كتب بعدها في «ز» : آخر الجزء السادس بعد الخمسمائة من الأصل. بلغت سماعا بقراءتي وعرضا بالأصل على سيدنا الإمام الأصيل بقية السلف أبي البركات الحسن بن محمّد بن الحسن بن هبة الله بإجازته من عمه المصنف وكتب محمّد بن يوسف بن محمّد البرزالي الإشبيلي يوم الأحد غرة جمادى الآخرة سنة عشرين وستمائة بجامع دمشق حرسها الله والحمد لله وحده وصلاته على محمّد نبيّه وسلامه.