والإمارة الفاجرة [خير من الهرج]» (١) قيل : يا رسول الله ، وما الهرج؟ قال : «القتل والكذب».
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أخبرنا أبو الحسين بن النّقّور ، أخبرنا أبو طاهر المخلّص ، أخبرنا أبو بكر بن سيف ، حدّثنا السّري بن يحيى (٢) ، أخبرنا شعيب بن إبراهيم ، حدّثنا سيف بن عمر ، عن محمّد ، وطلحة قالا :
كان عمر بن الخطّاب قد استعمل الوليد بن عقبة على عرب الجزيرة ، فنزل في تغلب ، وكان أبو زبيد في الجاهلية والإسلام (٣) في بني تغلب حتى أسلم ، وكانت بنو تغلب أخواله ، فاضطهده أخواله دينا له ، فأخذ له الوليد بحقه ، فشكرها له أبو زبيد ، وانقطع إليه وغشيه بالمدينة ، فلما ولي الوليد الكوفة أتاه مسلّما ومعظّما على مثل ما كان يأتيه بالجزيرة والمدينة ، فنزل دار الضيفان وتلك آخر قدمة قدمها أبو زبيد على الوليد ، وقد كان ينتجعه ويرجع ، وكان نصرانيا قبل ذلك ، فلم يزل الوليد به وعنه حتى أسلم في آخر إمارة الوليد ، وحسن إسلامه ، فاستدخله الوليد ، وكان عريبا شاعرا ، حتى أقام على الإسلام ، فأتى آت أبا زينب وأبا مورّع وجندبا ، وهم يحفرون (٤) له مذ قتل أبناءهم ، ويضعون له العيون (٥) ، فقال لهم : هل لكم في الوليد يشارب أبا زبيد؟ فثاروا في ذلك ، فقال أبو (٦) زينب وأبو مورع وجندب لأناس من الكوفة : هذا أميركم وأبو زبيد خيرته ، وهما عاكفان على الخمر ، فقاموا معهم. ومنزل الوليد في الرحبة ، مع عمارة بن عقبة ليس عليه باب ، فاقتحموا عليه من المسجد وبابه إلى المسجد ، فلم يفجأ الوليد إلّا وهم. فنحّى شيئا فأدخله تحت السرير ، فأدخل بعضهم يده فأخرجه لا يؤامره ، فإذا طبق عليه تفاريق عنب ، وإنما نحاها استحياء أن يروا طبقه وليس عليه إلّا تفاريق عنب ، فقاموا فخرجوا على الناس ، فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ، وسمع الناس بذلك ، فأقبل الناس عليهم يسبونهم ويلعنونهم ، ويقولون : أقوام غضب بعضهم لعمله ، وبعضهم أرغمهم الكتاب ، فدعاهم ذلك إلى التحسس والخبث ، فستر عنهم الوليد ذلك وطواه عن عثمان ولم يدخل بين الناس في ذلك شيء وكره أن يفسد بينهم ، وسكت عن ذلك
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك للإيضاح عن «ز» ، والمعجم الكبير.
(٢) الخبر رواه الطبري في تاريخه ٢ / ٦٠٩ (ط. بيروت) في حوادث سنة ٣٠ ه تحت عنوان : ذكر السبب في عزل عثمان الوليد عن الكوفة.
(٣) بالأصل وم : «في الإسلام» والمثبت عن «ز» ، وتاريخ الطبري.
(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي تاريخ الطبري : يحقدون.
(٥) في المختصر : ويصنعون له العيوب.
(٦) في الأصل : أبا.