وصبر قال : (١) وحدّثنا سيف عن الغصن [بن القاسم](٢) عن عون (٣) بن عبد الله قال : جاء جندب ورهط معه إلى ابن مسعود فقالوا : الوليد يعكف على الخمر ، وأذاعوا ذلك حتى طرح على ألسن الناس ، فقال ابن مسعود : من استتر منا بشيء لم نتبع عورته ، ولم نهتك ستره ، فأرسل إلى ابن مسعود ، فأتاه فعاتبه في ذلك ، وقال : يرضى من مثلك بأن يجيب أقواما موتورين؟ على أي شيء أستتر به؟ إنما يقال هذا للملجلج (٤) ، فتلاحيا وافترقا على تغاضب ، ولم يكن بينهما أكثر من ذلك.
قال : وحدّثنا سيف عن محمّد وطلحة قالا (٥) : وأتي الوليد بساحر ، فأرسل إلى ابن مسعود يسأله عن حدّه ، فقال (٦) : وما يدريك أنه ساحر؟ قال : زعم هؤلاء النفر ـ لنفر جاءوا به ـ أنه ساحر. قال : وما يدريكم أنه ساحر؟ قالوا : يزعم ذلك. فقالوا : أساحر أنت؟ قال : نعم. قالوا : وتدري ما السحر؟ قال : نعم ، وثار إلى حمار فجعل يركبه من قبل ذنبه ، وينزل من قبل رأسه ، فينزل من قبل ذنبه ويريهم أنه يخرج من فيه واسته. فقال ابن مسعود : فاقتله ، فانطلق الوليد ، فنادوا في المسجد : أن رجلا يلعب في السحر عند الوليد. فأقبلوا ، وأقبل جندب ـ واغتنمها ـ يقول : أين هو؟ أين هو حتى أريه؟ فضربه. وأجمع عبد الله والوليد على حبسه حتى كتب إلى عثمان ، فأجابهم عثمان أن استحلفوه بالله ما علم برأيكم فيه ، وأنه لصادق بقوله فيما يظن من تعطيل حده ، وعزروه ، وخلّوا سبيله ، وتقدم إلى الناس في أن لا يعملوا بالظنون ، ويقيموا الحدود دون السلطان ، فإنا نقيد المخطئ ونؤدب المصيب ، ففعل ذلك به ، وترك لأنه أصاب حدّا ، وغضب لجندب أصحابه ، فخرجوا إلى المدينة ، فيهم أبو خشة الغفاري وجثامة بن الصعب بن جثامة ومعهم جندب ، فاستعفوا من الوليد ، فقال لهم عثمان : تعملون بالظنون وتخطئون في الإسلام. وتخرجون بغير إذن ، ارجعوا. فردهم ، فلما رجعوا إلى الكوفة لم يبق موتور في نفسه إلّا أتاهم ، فاجتمعوا على رأي فأصدروه ، فتغفلوا الوليد ـ وكان ليس [عليه] حجاب ، فدخل عليه [أبو] زينب الأزدي وأبو مورع الأسدي فسلا
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ٦١٠ (حوادث سنة ٣٠).
(٢) زيادة عن «ز» ، وفي م : «بعد القاسم».
(٣) الأصل وم و «ز» : عمرو ، والمثبت عن الطبري.
(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : «للمريب» وعنه يأخذ المصنف ، والملجلج : اللجلجة ثقل اللسان ونقص الكلام وألّا يخرج بعضه في إثر بعض ، واللجلجة : التردد في الكلام.
(٥) تاريخ الطبري ٢ / ٦١٠ ـ ٦١١ (حوادث سنة ٣٠).
(٦) الأصل وم و «ز» : وقال ، والمثبت عن الطبري.