خاتمه ثم خرجا إلى عثمان فشهدا عليه ، ومعهما نفر [ممن يعرف] من أعوانهم ، فبعث إليه عثمان ، فلما قدم أمر به سعيد بن العاص فقال : يا أمير المؤمنين : أنشدك الله ، فو الله إنهما لخصمان موتوران. فقال : لا يضرك ذلك ، إنما نعمل بما ينتهي إلينا ، فمن ظلم فالله ولي انتقامه ، ومن ظلم فالله ولي جزائه.
قال (١) : وحدّثنا سيف عن أبي غسان سكن بن عبد الرحمن بن حبيش قال : أجمع نفر من أهل الكوفة ، فعملوا في عزل الوليد فانتدب له أبو زينب بن عوف وأبو مورع [بن فلان الأسدي] للشهادة عليه ، فغشوا الوليد وأكبوا عليه ، فبينما هم معه يوما في البيت وله امرأتان في المخدع ، بينهما وبين القوم ستر ، إحداهما بنت ذي الخمار والأخرى بنت أبي عقيل ، فنام الوليد ، وتفرق القوم عنه ، وثبت أبو زينب وأبو مورع ، فتناول أحدهما خاتمه ، وخرجا فاستيقظ الوليد وامرأتاه عند رأسه ، فلم ير خاتمه فسألهما عنه ، فلم يجد عندهما منه علما. قال : فأي القوم [تخلف] عنهم؟ قالتا : رجلان لا نعرفهما ، ما غشينا إلّا منذ قريب. قال : حلياهما. قالتا : على أحدها خميصة ، وعلى الآخر مطرف ، وصاحب المطرف أبعدهما منك ، فقال : الطوال؟ قالتا : نعم ، وصاحب الخميصة أقربهما إليك. قال : القصير؟
قالتا : نعم ، وقد رأيناه يده على يدك ، قال : ذاك أبو زينب ، والآخر أبو مورّع ، وقد أراد داهيته فليت شعري ما يريد أن يطلبهما فلم يقدر عليهما ، وكان وجههما إلى المدينة ، فقدما على عثمان ومعهما نفر ممن يعرف عثمان ، ممن قد عزل الوليد عن الأعمال ، فقالوا له : فقال : من يشهد منكم؟ قالوا : أبو زينب ، وأبو مورّع ، وكاع الآخرون ، فقال : كيف رأيتماه؟ قالا : كنا من غاشيته ، فدخلنا عليه وهو يقيء الخمر ، فقال : من يقي الخمر إلّا شاربها ، فبعث إليه ، فلمّا دخل على عثمان رآهما فقال متمثّلا :
مهما خشيت على أمر هممت (٢) به |
|
فلم أخفك على أمثالها جار |
فحلف له الوليد وأخبره خبرهم ، فقال : نقيم الحدود ويبوء شاهد الزور بالنّار ، فاصبر يا أخيّ ، فأمر سعيد بن العاص ، فجلده ، فأورث ذلك عداوة بين ولدهما حتى اليوم ، وكانت على الوليد يوم أمر به أن يجلد خميصة ، فنزعها [عنه](٣) علي بن أبي طالب.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ٦١١ (حوادث سنة ٣٠).
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» والطبري : خلوت.
(٣) سقطت من الأصل وم ، واستدركت عن «ز» ، والطبري.