لهم عمر : ما ذا أعددتم لأميركم في نزله بسيره إليّ؟ قالوا : وهو قدم يا أمير المؤمنين؟ قال : ما علمتم؟ قالوا : لا والله يا أمير المؤمنين ، فأقبل عمر بوجهه على الوليد فقال : يا وليد ، إن رجلا ملك قنّسرين وأرضها خرج يسير في سلطانه وأرضه ، حتى انتهى إليّ لا يعلم به أحد ، ولا ينفر أحدا ولا يروعه ، لخليق أن يكون متواضعا عفيفا ، قال الوليد : أجل والله يا أمير المؤمنين ، إنه لعفيف وإني له لظالم ، وأستغفر الله وأتوب إليه ، فقال عمر : ما أحسن الاعتراف ، وأبين فضله من الإصرار ، وردّهما عمر على عملهما ، فكتب إليه الوليد ـ [وكان](١) مرائيا ـ خديعة منه لعمر ، وتزينا بما ليس هو عليه ، إني قدّرت نفقتي لشهر فوجدتها كذا وكذا درهما ، ورزقي يزيد على ما أحتاج إليه ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يحط فضل ذلك ، فقال عمر : أراد الوليد أن يتزين عندنا بما لا أظنه عليه ، ولو كنت عازلا أحدا عن ظن لعزلته ، ثم أمر بحطّ رزقه إلى الذي سأله ، ثم أمر بالكتاب إلى يزيد بن عبد الملك ، وهو ولي عهد : إنّ الوليد بن هشام كتب إليّ كتابا بأكبر ظنّي أنه يزين بما ليس هو عليه ، ولو أمضيت شيئا على ظني ما عمل لي أبدا ، ولكن آخذ بالظاهر وعند الله علم الغيب ، فأنا أقسم عليك إن حدث بي حدث وأفضى إليك الأمر ، فسألك أن تردّ إليه رزقه ، وذكر أنّي نقصته فلا يظفر منك جهدا ، فإنّما خادع الله ، والله خادعه ، فلما [مات عمر و](٢) استخلف يزيد كتب الوليد : إن عمر نقصني وظلمني ، فغضب يزيد وبعث إليه فعزله وغرّمه كلّ رزق جرى عليه في ولاية عمر كلها ، وعزله يزيد ، فلم يل له عملا حتى هلك.
بلغني أن الوليد بن هشام كان حيا في خلافة مروان بن محمّد.
٨٠٦١ ـ الوليد بن هشام بن يحيى بن يحيى بن قيس الغسّاني
روى عن أبيه هشام.
روى عنه : ابنه معن بن الوليد ، وابن ابنه مطهر بن أحمد بن الوليد ، وأبو عمير بن النحّاس.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أخبرنا أبو طاهر بن محمود ، أخبرنا أبو بكر [ابن](٣) المقرئ ، حدّثنا أبو العبّاس بن قتيبة ، حدّثنا أبو عمير بن النحّاس ، حدّثنا الوليد
__________________
(١) سقطت من الأصل وم و «ز» ، وزيدت عن سيرة ابن عبد الحكم.
(٢) الزيادة استدركت عن سيرة ابن عبد الحكم ، وهي بدورها مستدركة فيها بين معكوفتين.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك لتقويم السند عن «ز».