أتيت الأعمش فقلت : حدّثني ، فقال لي : ما اسمك؟ فقلت : وكيع ، قال : اسم نبيل ، ما أحسب إلّا سيكون لك نبأ (١) ، أين تنزل من الكوفة؟ فقلت : في بني رؤاس ، فقال : أين من منزل الجرّاح بن مليح؟ قال : قلت : ذاك أبي ـ وكان على بيت المال ـ فقال لي : اذهب فجئني بعطائي وتعال (٢) حتى أحدّثك بخمسة (٣) أحاديث ، قال : فجئت إلى أبي فأخبرته ، فقال : خذ نصف العطاء واذهب به ، فإذا حدثتك بالخمسة فخذ النصف الآخر ، واذهب به حتى تكون عشرة ، قال : فأتيته بنصف عطائه ، فأخذه فوضعه ـ زاد ابن البنّا : في كفه وقالا : ـ هكذا ، ثم سكت فقلت : حدّثني قال : اكتب ، فأملى عليّ حديثين ، قال : قلت : وعدتني خمسة ، قال : فأين الدراهم كلها ، أحسب أن أباك أمرك بهذا ، ولم يعلم أنّ الأعمش مدرب ، قد شهد الوقائع ، اذهب فجئني ـ وقال ابن كادش : فجئ ـ بتمامها وتعال (٤) أحدّثك بخمسة أحاديث ، قال زاد ابن كادش : فجئته وقالا : ـ فحدّثني بخمسة ، فكان إذا كان كلّ شهر جئته بعطائه ، فحدّثني بخمسة أحاديث.
رواها الخطيب (٥) عن الجوهري والأزهري عن ابن لؤلؤ.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، أخبرنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ أبو بكر الخطيب (٦) ، أنا البرقاني ، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن خميرويه الهروي ، أخبرنا الحسين بن إدريس ، قال : سمعت ابن عمّار يقول : سمعت قاسما الجرمي (٧) قال : كان سفيان يدعو وكيعا وهو غلام ، فيقول : يا رؤاسي ، تعال (٨) أي شيء سمعت؟ فيقول : حدّثني فلان كذا ، قال : وسفيان يتبسم ويتعجب من حفظه ، قال ابن عمّار : ما كان بالكوفة في زمان وكيع بن الجرّاح أفقه ولا أعلم بالحديث من وكيع ، كان وكيع جهبذا ، قال ابن عمّار : وسمعت وكيعا يقول : ما نظرت في كتاب منذ خمس عشرة سنة إلّا في صحيفة يوما ، فنظرت في طرف منه
__________________
(١) إلى هنا اقتصر المزي في روايته للخبر في تهذيب الكمال ١٩ / ٣٩٩.
(٢) بالأصل وم و «ز» : تعالى ، والمثبت عن سير الأعلام وتاريخ بغداد.
(٣) بالأصل وم : «بالخمسة أحاديث» وفي «ز» : «بخمس أحاديث» والمثبت عن سير الأعلام.
(٤) بالأصل : تعالى ، وفي م و «ز» : «وقالا» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٤٩٨.
(٦) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٥٠٥.
(٧) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي تاريخ بغداد : الحربي.
(٨) الأصل وم : تعالى ، والمثبت عن «ز» ، وسقطت الكلمة من تاريخ بغداد.