ومن النوع الأول أيضا وهو الجمع ثم التقسيم قول صفي الدين الحلي :
أبادهم فلبيت المال ما جمعوا |
|
والروح للسيف والأجساد للرخم (١) |
فكما يفهم من البيت جمع الشاعر المتمردين على السلطان تحت حكم واحد هو الإبادة ، ثم قسم ذلك الحكم إلى المال والروح والأجساد ، وأرجع إلى كل واحد من هذه الأقسام ما يناسبه ، فأرجع لبيت المال ما جمعوا ، وللسيف الروح وللرخم الأجساد.
ويلاحظ على هذا البيت أن صفي الدين الحلي قد استوحى معناه من معنى المتنبي السابق ، ولكن شتان بين صياغة وصياغة ، وبين شاعر مبتدع وآخر مقلد.
الجمع مع التفريق
يعرفه علماء البديع بأنه الجمع بين شيئين في حكم واحد ثم التفريق بينهما في ذلك الحكم.
ومن أمثلته قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً.) فالمعنى أولا أن الله سبحانه جعل الليل والنهار آيتين ، أي دليلين على قدرته وحكمته ، والمراد بمحو آية خلقها ممحوا ضوءها ، أي جعلها مظلمة كما جعل آية النهار مبصرة.
على هذا جمع بين الليل والنهار في حكم واحد هو أنهما آيتان ودليلان على القدرة والحكمة ، ثم فرق بينهما في ذلك الحكم من جهة أن الليل يكون مظلما والنهار يكون مضيئا.
__________________
(١) الرخم : الطيور ، جمع رخمة بفتحتين.