كذلك عن طريق التضاد ، لأن المعاني يستدعي بعضها بعضا ، فمنها ما يستدعي شبيهه ، ومنها ما يستدعي مقابله ، بل إن الضد أكثر خطورا على البال من الشبيه وأوضح في الدلالة على المعنى منه.
وعلى هذا كلما ظهرت المطابقة أو المقابلة في الكلام بدعوة من المعنى لا تطفلا عليه ، كانت أنجح في أداء دورها المنوط بها في تحسين المعنى.
المبالغة
إذا نظرنا إلى المبالغة من الناحية التاريخية فإننا نجد أن عبد الله بن المعتز هو أول من تحدث عنها ، فقد عدّها في كتابه «البديع» من محاسن الكلام والشعر ، وعرّفها بأنها «الإفراط في الصفة» ، ومثّل لها.
ويفهم من الأمثلة التي أوردها أن الإفراط في الصفة يأتي عنده على ضربين : ضرب فيه ملاحة وقبول ، وآخر فيه إسراف وخروج بالصفة عن حد الإنسان.
فمن النوع الأول عنده قول إبراهيم بن العباس الصولي :
يا أخا لم أر في الناس خلّا |
|
مثله أسرع هجرا ووصلا |
كنت لي في صدر يومي صديقا |
|
فعلى عهدك أمسيت أم لا؟ |
ومن النوع الآخر المسرف قول الخثعميّ :
يدلي يديه إلى القليب فيستقي |
|
في سرجه بدل الرّشاء المكرب |
وقول آخر يهجو رجلا :
تبكي السموات إذا ما دعا |
|
وتستعيذ الأرض من سجدته |