النسبي في الشهور ويجددون بها الأزمنة فيقولون قد دارت السنون من لدن زمان كذا إلي زمان كذا فإن ظهرهم مع ذلك تقدم شهر عن فصل من الفصول الأربعة لما جمع من كسور السنة الشمسية وبقية فصل ما بينهما وبين السنة القمرية الذي ألحقوه بها كبسوها كبس ثانيا ، وكان يطهرخهم ذلك بطوع منازل تاقمر وسقطوها حتي هاجر النبي صلي الله عليه وسلم ، وكان بونة النسبي فصادق شهر شعبان فسمي محرما وشهر رمضان صفر ، وقيل أن الناشيء الأول إنشاد المحرم وجعله كبيسا وآخر المحرم إي صغر وصفر إلي ربيه الأول وكذلك بقية الشهور [ق ٢٤٣ أ] / فوقع حجهم في تلك السنة في عاشر المحرم وجعلت تلك السنة ثلاثة عشر شهرا ونقل الحج بعد كل ثلاث سنين شهرا فمضي علي ذلك مائتان وعشر سنين وكان انقضاؤّا التاسعة من الهجرة في عاشر ذى القعدة وهي السنة التي حج فيها أبو بكر الصديق رضى الله عنه بالناس ، ثم حج رسول الله صلي الله عليه وسلم في السنة العاشرة ، وحجة الوداع لوقوع الحج في عاشر ذي الحجة ، كما كان في عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، وكذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في حجته [هذه أن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض](١) يعنى رجوع الحج في الشهور التي أفرضه الله فيها وزننزل الله تعالي في إبطال النسيي بقوله عز وجل : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً)(٢) الآية فبطل ما كان أحدثته الجاهلية قبل ظهور الإسلام من النسيي واستمر وقوع الحج والصوم برؤية الأهلة ولله الحمد [ق ٢٤٣ ب] علي ذلك وكانت العرب لها تواريخ معروفة عندها وقد بأرت وكانت تؤرخ به بني كنانة من موت كعب بن لؤى حتي كان عام الفيل فورخوا به وهو عام مولد رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وكان بين موت كعب بن لؤي والفيل خمسمائة وعشرون سنة ، وكان بين الفيل والفجار أربعين سنة ، ثم عدوا من الفجار إلي هشام بن المغيرة فكانت ست سنين ، ثم عدوا من وفاة هشام بن المغيرة إلي بنيان الكعبة قحطان تسع سنين ، ثم كان بين بناء الكعبة وبين هجرة رسول الله صلي الله عليه وسلم خمسة عشر سنة ، ثم وقع التاريخ من الهجرة.
قال سعيد بن المسيب : جمع عمر بن الخطاب رضى الله عنه الناس فبينما لهم من أي يوم يكتب التاريخ. فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم هاجر رسول الله صلي الله عليه وسلم من مكة إلي المدينة ففعل عمر بن الخطاب ذلك ، قال سهل بن سعد الساعدي :
__________________
(١) ورد في صحيح مسلم.
(٢) ٣٧ م التوبة : ٩.