أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين ، أنا أبو الغنائم بن المأمون ، أنا أبو القاسم بن حبابة ، نا أبو القاسم البغوي ، نا أبو نصر ، ثنا كوثر بن حكيم ، عن نافع ، عن ابن عمر.
أن أبا بكر بن أبي قحافة بعث يزيد بن أبي سفيان إلى الشام ، فمشى معهم نحوا من ميلين ، فقيل له : يا خليفة رسول الله ، لو انصرفت ، فقال : لا ، إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من اغبرّت قدماه في سبيل الله حرّمهما الله على النار» [١٣٢٦٣] ، ثم بدا له في الانصراف إلى المدينة ، فقام في الجيش ، فقال : أوصيكم بتقوى الله ، لا تعصوا ولا تغلّوا ، ولا تجبنوا ، ولا تهدموا بيعة ولا تفرقوا نخلا ، ولا تحرقوا زرعا ، ولا تحشروا (١) بهيمة ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تقتلوا شيخا كبيرا ، ولا صبيا صغيرا ، وستجدون (٢) أقواما قد حبسوا أنفسهم للذي حبسوها فذروهم وما حبسوا أنفسهم له ، وستجدون أقواما قد اتّخذت الشياطين أوساط رءوسهم أفحاصا فاضربوا أعناقهم ، وستردون بلدا تغدو وتروح عليكم فيه ألوان الطعام ، فلا يأتيكم لون إلّا ذكرتم اسم الله عليه ، ولا يرفع لون إلّا حمدتم الله عليه».
أخبرنا أبو الحسن بن أبي (٣) الفضل الفقيه ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، وأبو نصر بن طلاب ، قالا : أنا أبو بكر بن أبي الحديد ، أنبأ أبو الحسين محمّد بن علي بن أبي الحديد المصري ، أنا يونس ، أنا ابن وهب ، أن مالكا حدّثه.
ح وأخبرنا أبو محمّد هبة الله بن سهل بن عمر ، أنا أبو عثمان البحيري ، أنبأ أبو علي زاهر بن أحمد ، أنبأ إبراهيم بن عبد الصّمد الهاشمي ، ثنا أبو مصعب الزهري ، أنبأ مالك ، عن يحيى بن سعيد.
أن أبا بكر الصدّيق بعث جيوشا إلى الشام ، فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان ، وكان أمير ربع من تلك الأرباع ، فزعموا أن يزيد قال لأبي بكر ـ زاد ابن وهب : الصدّيق ، وقالا : ـ إمّا أن تركب ، وإمّا أن أنزل ، قال له أبو بكر : ما أنت بنازل وما أنا براكب ، إنّي أحتسب خطاي هذه في سبيل الله ، ثم قال : إنّك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله ، فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له ، وستجد قوما فحصوا عن أوساط رءوسهم من الشعر ، فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف ، وإنّي موصيك بعشر : لا تقتلن امرأة ، ولا صبيا ، ولا كبيرا
__________________
(١) كذا بالأصل وم و «ز» : «تحشروا».
(٢) بالأصل وم : وستجدوا» خطأ ، والتصويب عن «ز».
(٣) سقطت من «ز».