وأيتام بني سهم وأيتام بني عدي ، قال : ما لك ولبني عدي؟ قال : لأنهم حالفوني وانتقلوا إلى داري ، قال معاوية : قد فعلت إذا رجعت ذلك بك ، وقبّل وجهه وقال لابنة قرظة : كيف رأيت؟ قالت : يا أمير المؤمنين أوصه بي ، فأنت أعلم به ، ففعل.
قال القاضي (١) : قد روينا هذا الخبر من طريق آخر : وفيه أن عبد الله سأل مالا وأرضا وأن يزيد [قال](٢) لمعاوية أعتقني من النار ، أعتق الله رقبتك منها ، فقال له : وكيف؟ قال : لأني وجدت في الأثر أنه من تقلّد أمر الأمّة ثلاثة أيام حرّمه الله على النار ، فاعهد إليّ من بعدك.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن سيبخت ، نا أبو بكر محمّد بن يحيى بن العبّاس الصولي ، حدّثني إسماعيل بن محمّد بن داود ، نا أبي ، حدّثني سويد بن سالم قال : قال عبد الملك بن عمير : حدّثني رجل من آل بحدل أن معاوية بن أبي سفيان جلس ذات يوم فقال لأصحابه : أيّكم يدلني على جارية طرطبية أتزوجها ، فسكت القوم ولم يعرفوا ما قال ، قال : فقام ابن بحدل الكلبي إلى منزله فقال : العجب لمعاوية قد تكلم بكلمة ما سمعتها في العرب قط ، قالت ابنته : وما الكلمة؟ قال لها : إن معاوية قال لنا : أما منكم رجل يدلّني على جارية طرطبية أتزوجها قالت : ابنته فأدلكه عليّ ، فإني التي وصف ، والطراطبية التي في ثدييها طول في دقة لا تكاد تلد أنثى ، فمكث ابن بحدل زمانا ثم قال لمعاوية : إنّك كنت تكلمت بكلمة لم أعرفها ، وكرهت أن أسأل عنها ، فانصرفت إلى منزلي فذكرت ذلك لبعض أهلي فسمعتني ابنتي ، فقالت : أدلكه عليّ فإني من بغية ما وصف ، قال معاوية : قد تزوجتها ، فزوّجه وبنى بها فولدت له ـ يعني : يزيد ـ وكانت عنده امرأة قرشية ، فولدت له عبد الله ، وكان فيه حمق ، فأرادت القرشية بعد ما استخلف معاوية أن يستخلف ابنها من بعده وألحّت عليه ، فقال معاوية : أنت طالق إن تكلمت حتى يخرج إليك عبد الله من عندي ، وبعث ابنها من بعده ، وألحّت عليه ، فقال معاوية : أنت طالق إن تكلمت حتى يخرج إليك عبد الله من عندي ، وبعث ابنها فدخل عليه ، فقال : أما إنّي قد رأيت من الرأي أن لا تطلبن اليوم أمرا جسيما أو صغيرا خلافة أو غيرها إلّا أعطيتكها (٣) ، قال : أسألك كذا
__________________
(١) يعني المعافى بن زكريا القاضي الجريري.
(٢) سقطت من الأصل ، واستدركت عن «ز» ، وم.
(٣) في «ز» : أعطيناكها.