أبي : بنيّ ما كنتما تصنعان؟ قلت : كنا نصلي ، فقال أبو طالب : والله والله لا تعلوني استي أبدا ، فرأيته يضحك من قول أبيه ، ثم قال : والله لقد رأيتني صلّيت قبل الناس حججا.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، قال :
وكان أبو طالب عليه ـ يعني النبي صلىاللهعليهوسلم ـ رفيقا شفيقا ، يمنعه من مشركي قريش ، جاءوه ذات صباح بعمارة بن الوليد ، فقالوا له : قد عرفت حال عمارة بن الوليد في قريش ، ونحن ندفعه إليك مكان محمّد وادفعه إلينا ، قال : ما أنصفتموني ، أعطيكم ابن أخي تقتلونه وتعطوني ابن أخيكم أغذوه (١) لكم ، وهو الذي يقول (٢) :
عجبت لحلم يا بن شيبة حادث |
|
وأحلام أقوام لديك سخاف (٣) |
يقولون شائع من أراد محمّدا |
|
بسوء وقم في أمره بخلاف |
أضاميم : إما حاسد ذو خيانة |
|
وإما قريب منك غير مصاف |
فلا تركبن الدهر مني ظلامة |
|
وأنت امرؤ من خير عبد مناف |
فإن له قربى إليك وسيلة |
|
وليس بذي حلف ولا بمضاف (٤) |
ولكنه من هاشم في صميمها |
|
إلى أبحر فوق البحور طواف |
فإن غضبت فيه قريش فقل لهم (٥) |
|
بني عمنا ما قومكم بضعاف |
فما قومكم بالقوم يغشون ظلمهم |
|
وما نحن فيما ساءكم (٦) بخفاف |
وقال أبو طالب (٧) :
__________________
(١) بدون إعجام بالأصل ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٢) الأبيات في سيرة ابن إسحاق ص ١٨٩.
(٣) السخيف العقل : الرجل الضعيف العقل.
(٤) المضاف : الملصق بالقوم ، وليس منهم.
(٥) بالأصل : لها ، والمثبت عن ابن إسحاق.
(٦) روايته في سيرة ابن إسحاق :
وما قومنا بالقوم تغشون ظلمنا |
|
وما نحن فيما ساءهم بخفاف |
(٧) الأبيات من قصيدة طويلة في سيرة ابن هشام ١ / ٢٩١ وما بعدها ومطلعها :
ولما رأيت القوم لا ودّ فيهم |
|
وقد قطعوا كل العرى والوسائل |
قالها أبو طالب لما خشي دهماء العرب أن يركبوه مع قومه ، وأنه يخبرهم أنه غير مسلم لهم ابن أخيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا تاركه لشيء أبدا حتى يهلك دونه.