أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن الحسن الخلال ، نا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان ، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمّد الزينبي قرئ عليه الأستاذ بعض المتن وأنا أسمع وأجاز لنا باقي الحديث قال : ثنا محمّد بن عبد الأعلى الصنعاني ، نا المعتمر بن سليمان ، حدّثني أبي قال :
فازداد البلاء من قبل قريش على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فائتمروا بينهم أن يكلّموا أبا طالب في ابن أخيه ، فإن فعل وإلا تعاقدوا على عقد أن لا يناكحوهم ، ولا يبايعونهم حتى يدفعوه إليهم ، فكتبوا في صحيفتهم عهدا بينهم أن لا يناكحوهم ولا يبايعونهم ولا يجالسوهم ولا يكلموهم حتى يدفعوا إليهم محمّدا ، فيقتلونه ؛ فمشوا إلى أبي طالب وقد كتبوا كتابهم ، قالوا : يا ابن عبد المطلب ، أنت أفضل قريش اليوم حلما ، وأكبرهم سنا ، وأعظمهم شرفا ، وقد رأيت صنيع ابن أخيك والسفهاء الذين معه الصّباة (١) المخلصين (٢) لأمرهم ، إنّ قومك قد نفروا في أمر فيه صلاح قومك ، وصلاحهم لك صلاح إن فعلت ، وإن أبيت فقد أبلغوا إليك في العذر ، وفيه هلاكك وهلاك أهل بيتك ، لا يعدوكم ذلك إلى أحد غيركم ، قد كتب قومك كتابا فيه الذي تكرهون إن أبيتم [أن تدفعوا](٣) إليهم حاجتهم ، قال : ما حاجتكم فيما قبلي ، قالوا : حاجتنا أن تدفع إلينا هذا الصابئ الذي فرّق كلمتنا ، وأفسد جماعتنا ، وقطع أرحامنا ، فنقتله ، ونعطيك ديته. قال : لا تطيب بذلك نفسي أن أرى قاتل ابن أخي يمشي بمكة ، وقد أكلت ديته ، قالوا : فإنّا ندفعه إلى بعض العرب فيكون هو يقتله ، وندفع إليك ديته ، ونعطيك أيّ أبنائنا شئت ، فيكون لك ولدا مكان هذا الصابئ ، فقال لهم : ما أنصفتموني ، تقتلون ولدي (٤) وأغذو أولادكم؟ أو لا تعلمون أنّ الناقة إذا فقدت ولدها لم تحن إلى غيره؟ ولكن أمر هو أجمع لكم مما أراكم تخوضون فيه ، تجمعون شباب قريش ، ممن كان منهم بسن محمّد ، ويقتلونهم جميعا ، وتقتلون معهم محمّدا ، قالوا : لا لعمر أبيك ، لا نقتل أبناءنا وإخواننا من أجل هذا الصابئ ولكن سنقتله سرّا وعلانية ، فائتمر لذلك أمرك. فعند ذلك يقول لهم :
كذبتم وبيت الله نترك (٥) محمّدا |
|
ولما نضارب دونه ونناضل |
__________________
(١) بالأصل : «الصا» والصباة : جمع صبابي ، بدون همزة ، وكان العرب يسمون رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصابئ ، وقد خرج على دينهم وملة آبائهم واتبع ملة جديدة ـ الإسلام ـ.
(٢) كذا بالأصل ، وفي مختصر ابن منظور : المخلطين.
(٣) الزيادة عن مختصر ابن منظور.
(٤) في مختصر ابن منظور : ابني.
(٥) كذا بالأصل هنا ، ومرّ : نبزى.