ونسلمه حتى نصرع حوله |
|
ونذهل عن أبنائنا والحلائل |
وينهض نهضا في نحوركم القنا |
|
كنهض الروايا (١) في طريق حلاحل (٢) |
وحتى نرى ذا الدرع يركب ردعه |
|
من الطعن مشي الأنكب (٣) المتحامل |
في قول كثير يقول لهم.
فلما سمعت بذلك قريش وعرفوا منه الجد ، يئسوا منه ، وأظهروا لبني عبد المطلب العداوة ، واللفظ القبيح ، والشتم وأقسموا ليقتلنّه سرا وعلانية ، فلما عرف أبو طالب أن القوم قاتلو (٤) ابن أخيه إن استطاعوا خافهم وتتابعت معهم القبائل كلها. فلما رأى ذلك أبو طالب جمع رهطه فانطلق بهم ، فقاموا بين الأستار والكعبة ، فدعوا الله على ظلمة قومهم في قطيعتهم أرحامهم ، وانتهاكهم محارمهم وتناولهم سفك دمائهم. فقال أبو طالب : إن أبى قومنا إلّا البغي علينا ، فعجّل نصرنا ، وحل بينهم وبين الذي يريدون من قتل ابن أخي. ثم أقبل إلى جمع قريش ، وهم ينظرون إليه وإلى أصحابه ، فقال لهم : إنا قد دعونا رب هذا البيت على القاطع ، المنتهك المحارم ، والله ، لتنتهن عن الذي تريدون ، أو لينزلن الله لكم في قطيعتنا بعض الذي تكرهون. قال (٥) : فأجابوه أن يا ابن عبد المطلب لا صلح بيننا وبينكم أبدا ولا رحم إلّا على قتل الصابئ السفيه. ثم عمد فدخل الشعب بابن أخيه وبني أبيه ومن اتبعهم من بين مؤمن دخل لنصر الله ونصر رسوله ، ومن بين مشرك يحمي أنفا ، فدخلوا شعبهم ، وهو شعب أبي طالب في ناحية مكة.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا محمّد بن علي بن أحمد بن إبراهيم ، أنا القاضي أبو القاسم علي بن الحسين الشافعي ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد بن خشنام المالكي قال : حدّثنا أبو يزيد خالد بن النصر القرشي قال : حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى ، نا معتمر بن سليمان ، نا أبي قال :
وأراد الملأ من قريش قتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فائتمروا بينهم أن يكلموا أبا طالب في ابن
__________________
(١) الروايا واحدتها راوية ، وهي الإبل التي تحمل الماء والأسقية.
(٢) حلاحل : موضع.
(٣) الأنكب : المائل إلى جهة.
(٤) بالأصل : قاتلي.
(٥) بالأصل : كان.