بما رأى فيها ، وكان من أهل الغناء عنده في مثلها ، فبعث معه القطائع في البحر ، ونفر الناس معه إلى الجهاد فحاصرها أياما ، وفتحوها حصنا حصنا إلى أن كمل فتحها ، وكتب عصام بالفتح إلى الأمير عبد الله فكتب له بولايتها فوليها عشر سنين" (١). ثم وليها بعد وفاته ابنه عبد الله حتى سنة ٣١٨ ه ، وخلفه أحمد بن محمد بن إلياس ، ثم تعاقب عليها موالي الأمويين حتى سنة ٤٠٣ ه.
وفي سنة ٤٠٧ ه استبد بشؤونها مجاهد العامري أمير دانية وبكل الجزائر الشرقية ، ثم خلفه عليها ابن أخيه عبد الله العامري سنة ٤١٣ ه ، وفي سنة ٤٢٨ ه آل أمرها إلى الأغلب مولى مجاهد العامري وظل على حكمها حتى سنة ٤٥٨ ه ، ثم خلفه عليها صهره سليمان بن مشكيان. وفي سنة ٤٦٣ ه تولى شؤونها عبد الله المرتضى أغلب ، وفي سنة ٤٦٨ ه استقل بحكمها وبكل جزر البليار بعد سقوط مملكة دانية في يد المقتدر بن هود صاحب سرقسطة ، واستمر على ولايتها حتى سنة ٤٦٨ ه تاريخ وفاته ، فتولى إمارتها الأمير مبشر ابن سليمان ناصر الدولة وضبط شؤونها بحزم وكفاية إلى غاية سنة ٥٠٩ ه (٢). وفي هذا التاريخ تعرضت ميورقة للغزو النصراني الذي اتحدت فيه جمهوريتا بيزة وجنوة وإمارة برشلونة وهو أول غزو نصراني لها منذ فتحها (٣).
ولكن سرعان ما استعادها المرابطون في أواخر السنة نفسها وعينوا عليها واليا جديدا من قبلهم ، فأضحت بذلك الجزائر الشرقية جزءا من الدولة المرابطية الكبرى ودخلت في عهد جديد من تاريخها ، سيما بعد تعيين محمد
__________________
(١) ابن خلدون ، كتاب العبر ، بيروت : دار الكتب العلمية ، ط ١ ، ١٩٩٢ ، مج ٤ ، ص ١٩٦.
(٢) عصام سالم سيسالم ، جزر الأندلس المنسية. بيروت : دار العلم للملايين ، ط ١ ، ١٩٨٤ ، ص ١٣٧ وما بعدها.
(٣) ابن الكردبوس ، الاكتفاء في أخبار الخلفاء (قطعة تاريخ الأندلس) ، تحقيق مختار العبادي ، مدريد : المعهد المصري للدراسات الإسلامية ، ١٩٧١ ، ص ١٢٢ وما بعدها.