(١) وصاليات ككما يؤثفين
فعلوا ذلك لان معنى سواء معنى غير ومعنى الكاف معنى مثل وليس شيء يضطّرون إليه إلا وهم يحاولون به وجها ، وما يجوز في الشعر أكثر من أن أذكره لك ههنا لان هذا موضع جمل وسنبين ذلك فيما يستقبل إن شاء الله.
__________________
(١٩) أراد كمثل ما يؤثفين أي كمثل حالها اذا كانت أثافي مستعملة وقد وضع الكاف وان كانت حرفا موضع مثل فادخل عليها الكاف تشبيها لها بها لانها في معناها وهي في دخولها على مثل في الاسمية نظير سواء في دخولها على غير في التمكن وعلتها كعلتها* وصف ديارا خلت من أهلها فنظر الى آثارها باقية لم تتغير فذكرته من عهد بها فحزن لذلك ، والصاليات الاثافي لانها صليت النار أي وليتها وباشرتها فيقول سوادها باق كما كانت وهي أثاف مستعملة ومعنى يؤثفين ينصبن لقدر يقال أثفيت القدر وثفيتها وهو على هذا يؤفعلن فاجراه على الأصل كما قال فانه أهل لأن يؤكرما ، وأثفية أفعولة على هذا وهمزتها زائدة فمن جعلها فعلية فهمزتها أصلية ويؤثفين بمنزلة يسلقين ولا ضرورة فيها وفعلها على هذا أثفت ووزنه فعلت ، ومما أنشده الاخفش في الباب قول العجير السلولي.
فبيناه يشرى رحله قال قائل |
|
لمن جمل رخو الملاط نجيب |
أراد بينا هو وقد مضى تفسيره* وصف بعير اضل عن صاحبه فيئس منه وجعل يبيع رحله فبينا هو كذلك سمع مناديا يبشر به وانما وصف ما ورد عليه من السرور بعد الأسف والحزن والملاط ماولى العضد من الجنب ويقال للعضدين ابنا ملاط ووصفه برخاوته لأن ذلك أشد لتجافي عضديه عن كركرته وأبعد له من أن يصيبه ناكت أو ماسح أو حاز أو ضبب وهذه كلها اعراض وآفات تلحقه اذا حك بعضده كركرته ومعنى يشرى يبيع وهو من الأضداد ، ومما أنشده الأخفش أيضا في الباب قول الفرزدق :
وما مثله في الناس الا مملكا |
|
أبو أمه حي أبوه يقاربه |
أراد وما مثله في الناس حي يقاربه الا مملكا أبو أم هذا المملك أبو هذا الممدوح وأراد بالمملك الخليفة هشام بن عبد الملك وخاله الذي أبوه أبو أمه ابراهيم بن هشام المخزومي وتلخيص معنى البيت ما مثل هذا الممدوح في الناس الا الخليفة الذي هو ابن أخته ، وهذا المعنى مع سخفه أمثل مما عبر به عنه من لفظه لانه فرق بين النعت والمنعوت في قوله حي يقاربه بخبر المبتدأ وهو قوله أبوه وفرق بين المبتدأ الذي هو أبو أمه وبين خبره بقوله حي فأحال اللفظ حتى عمى المعنى ـ