المرة ، إذ إننا كنا ثمانية أشخاص فقط ، دون سلاح. ولكننا وضعنا ثقتنا في الله محروسين برحمته ، تساعدنا دعوات سيدتنا العذراء المقدسة ، ووصلنا سالمين غانمين إلى مدينة الناصرة المقدسة حيث بشر الملاك جبريل سيدتنا العذراء المقدسة بحملها بالسيد المسيح ، وحيث المكان الذي ترعرع فيه.
٨٩ ـ مدينة الناصرة (١) : الناصرة مدينة صغيرة تقع (٢) في واد في قلب الجبال ، ويمكن رؤيتها فقط عند ما يصبح المرء فوقها ، وترتفع كنيسة واسعة عالية في وسط هذه المدينة. تشتمل على ثلاثة مذابح (٣) ، وعند الدخول إليها هناك مذبح صغير على الجانب الأيسر ، ولكنه عميق وله بابان صغيران ، أحدهما شرقي والآخر غربي ، ونصل من خلاله إلى المغارة ، وبالدخول عبر الباب الغربي يمكن رؤية قبو على الجانب الأيمن بمدخل صغير حيث عاشت العذراء الكريمة مع المسيح. وقد تربى المسيح في هذا القبو الطاهر ، الذي يحتوي أيضا على سرير كان يستلقي عليه يسوع المسيح (٤) ، وهو منخفض جدا لدرجة أنه يبدو في مستوى الأرض تقريبا.
__________________
=أخبار البشر ، ج ٢ ، " المطبعة الحسينية" ، القاهرة بدون تاريخ ، ص ٢١١ ـ ابن الوردي : تتمة المختصر في اخبار البشر ، ج ٢ ، تحقيق أحمد رفعت البدراوي ، ط ١ ، بيروت ١٩٧٠ م ، ص ٢٠ ـ السلامي : مختصر التواريخ ورقة ٢٧٤ ـ سهيل زكار : مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية ، ط ٢ ، دمشق ١٩٧٥ م ، ص ٢٤٤ ، فضلا عن الاجراءات التسعفية التي كانوا يمارسونها ضد السكان ، وخاصة فيما يتعلق بتهجير السكان من بلادهم ، وانتزاع املاكهم ، وفرض الضرائب الباهظة عليهم ، وتدنيس مقدساتهم ، ونهب خيرات بلادهم. ومن الطبيعي أن يقوم سكان الأراضي المقدسة بالدفاع عن بلادهم وعقيدتهم وأرواحهم باعلان الجهاد على الفرنجة الصليبيين من أجل تحرير بلادهم من قبضة الغزاة. وقد تنوعت أساليب المقاومة ضد الفرنجة الصليبيين فهناك عدد من المواطنين كان يتبع أسلوب المقاومة الفردية من أجل ارباك العدو عن طريق مهاجمة الضياع والاقطاعات الصليبية ونهبها واشعال النيران فيها ، بينما كان البعض الآخر يلجأ إلى قتل الفرنجة الصليبيين تعبيرا عن عدم الرغبة في رؤية العناصر الأجنبية المغتصبة في بلاده. كذلك كان سكان البلاد يقدمون المساعدات للقوات الاسلامية القادمة لتحرير الأراضي المقدسة من الفرنجة الصليبيين ، بل إن الكثير منهم كان يشترك في القتال إلى جانب القوات الاسلامية ، فضلا عن تقديم المؤن والسلاح. كذلك كان العلماء والخطباء يحثون الناس على الجهاد في سبيل الله وطرد المعتدين. انظر : سعيد البيشاوي ، كتاب نابلس ، ص ٧٩ ، ١٢٧ ، ٢٠٤ ، ٢١٥ ، ٢٤٢. انظر أيضا : سعيد البيشاوي : المقاومة الشعبية الفلسطينية ضد الفرنجة الصليبيين ، ص ٣٦٣ ـ ٣٧٧. ويبدو أن دانيال الروسي كان متأثرا بالوضع الذي كان سائدا في الأراضي المقدسة أثناء زيارته لها ، فقد استقبل من قبل الملك بلدوين الأول الذي عامله معاملة حسنة. ولكن ذلك لا يمنع من قول الحقيقة لأن الفرنجة الصليبيين ضيقوا على المسيحيين الشرقيين وعاملوهم معاملة قاسية وطرودهم من الكنائس ووضعوا مكانهم رجال دين لاتين. أضف إلى ذلك أن الفرنجة الصليبيين تعرضوا بالقتل للمسيحيين الشرقيين في آسيا الصغرى أثناء الحملة الصليبية الأولى. وقد اشترك المسيحيون الشرقيون في محاربة الفرنجة الصليبيين جنبا إلى جنب مع المسلمين. (الترجمة العربية)
(١) ورد اسم الناصرةNazareth بهذا الشكل في مخطوطتين.Cf.D.R. بينما ورد في مخطوطات أخرى بهذا الشكل نازاف أو ناصاف Nazaph.
(٢) أشارت إحدى المخطوطات إلى أن الناصرة تقع «إلى الجنوب To the south». انظر المخطوطة التي تحمل الرمزR (الترجمة الإنجليزية).
(٣) ذكرت المخطوطة التي تحمل الرمزR أنه يوجد في الكنيسة ثلاث «نوافذWindows». (الترجمة الإنجليزية)
(٤) ورد في إحدى المخطوطات أن الطفل (المسيح عليه السلام) كان يستلقي هو ووالدته. انظر المخطوطة التي تحمل الرمزMac (الترجمة الإنجليزية).