واسعة (١) ، وقد اشتهر الهروي الموصلي (ت ٦١٢ ه / ١٢١٥ م) بوضع كتاب أسماه الإشارات إلى معرفة الزيارات (٢).
وأصبح أدب الرحلات فنّا قائما بذاته على يد كثيرين منهم على سبيل المثال لا الحصر : أبو الحسن محمد بن أحمد البلنسي المعروف بابن جبير (٣) (ت ٦١٤ ه / ١٢١٧ م) في رحلة" تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار" وعبد اللطيف البغدادي (٤) (ت ٦٢٩ ه / ١٢٣١ م) صاحب كتاب
__________________
(١) ولد ناصر خسرو في قباديان من أعمال بلخ سنة ٣٩٤ ه / ١٠٠٣ م وكانت أسرته متوسطة الحال ، وقد التحق ناصر بخدمه السلطانين الغزنويين محمود ثم ابنه مسعود ، وعند ما زالت الدولة الغزنوية التحق في ديوان السلاجقة بمرو ، حيث انغمس في حياة اللهو والمجون والخلاعة في بلاط جفري بك حاكم خراسان ، وقد بدأ صفحة جديدة من حياته ، ورحل لتأدية فريضة الحج ، وبدأ رحلته من مرو إلى الشام مارا بنيسابور والري وتبريز وميافارقين وآمد وحوران ، ثم دخل الشام عن طريق منبج وزار أهم مدنها حتى انتهى إلى الرملة وبيت المقدس. ومن هناك اتجه إلى مكة حيث أدى فريضة الحج وعاد إلى بيت المقدس. انظر : مقدمة كتاب سفرنامة ، ترجمة يحيى الخشاب ، ط ٣ ، " دار الكتب الجديدة" بيروت ١٩٨٣ م ، ص ٥ ـ ٣٢ السيد عبد العزيز سالم : المرجع السابق ، ص ٢١٧ ـ ٢١٨.
(٢) هو أبو الحسن علي بن أبي بكر بن علي ، يرجع بأصله إلى هراة ، ولكنه موصلي المولد ، قضى معظم حياته في التجوال والرحلات حتى لقب بالسائح ، وقد زار كثيرا من بلاد الإسلام ، فرحل إلى العراق والشام والحجاز واليمن ومصر وبلاد الروم وصقلية والمغرب وبعض جزر البحر الأبيض المتوسط ، كما زار القسطنطينية. وتنقل خلال رحلاته في أرجاء المدن المختلفة ، وتحدث عن مشاهدها ومساجدها وخالط أهلها ، والتقى بالعلماء وأخذ منهم. وقد ألف الهروي عن رحلاته هذه كتابه" الإشارات إلى معرفة الزيارات" ، وهو الكتاب الوحيد الذي وصل إلينا من مؤلفاته ، انظر : الهروي كتاب الإشارات ، تحقيق جانين ـ سورديل ـ جومين ، دمشق ١٩٥٣ م ـ السيد عبد العزيز سالم : التاريخ والمؤرخون العرب ، ص ٢١٨ ـ مريزن سعيد مريزن عسيري : الحياة العلمية في العراق في العصر السلجوقي ، ص ٤٥٦ ـ ٤٥٧.
(٣) ولد ابن جبير في مدينة بلنسية سنة ٥٤٠ ه ، وكان أديبا وشاعرا مجيدا سري النفس كريم الأخلاق. وقد تناول في رحلته بعض الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الشرق الإسلامي خلال فترة الصراع الإسلامي الصليبي. وقد سجل ابن جبير كل ما شاهده في بلاد الشام وفلسطين ، فقد أشار إلى بعض عادات الفرنجة الصليبيين المقيمين في بلاد الشام قبيل معركة حطين إذ وصف عملية اختلاط الرجال بالنساء عند حضوره إحدى حفلات الزفاف في مدينة صور ، كما أشار إلى القوافل التجارية التي كانت تعبر البلاد الخاضعة للسيطرة الصليبية ، كما تحدث عن العلاقات التجارية بين المسلمين والفرنجة الصليبيين. وقام ابن جبير برحلته سنة ٥٨٣ ه / ١١٨٧ م. وفي سنة ٦١٤ ه / ١٢١٧ م نزل بالإسكندرية وتوفي بها في التاسع والعشرين من شعبان من السنة نفسها. انظر : السيد عبد العزيز سالم : المرجع السابق ، ص ٢٢٠ ـ ٢٢١ رشدي فكار : الاثنوغرافيا والسوسيوغرافيا ، ص ٦٤.
(٤) عبد اللطيف بن يوسف محمد البغدادي : نشأ في جو من العلم والتقوى ، وترعرع في بغداد حيث درس بها الحديث ، وحفظ الشعر والمقامات ، كما درس الكيمياء. ارتحل إلى الموصل سنة ٥٨٥ ه / ١١٩٠ م ، لكنه لم يجد بها من يعتد بعلمه بين علمائها ، سوى الكمال بن يونس الذي كان" أحد العلماء الذين تمكنوا من حل المسألة الهندسية التي طرحها مع مسائل أخرى على العلماء العرب الإمبراطور فريدريك هو هنشتاوفن. وقد رحل موفق الدين بعد ذلك من الموصل إلى دمشق حيث التقى بعلمائها. ثم رحل إلى مصر غير أنه لم يستقر بها ، فقد ظل متنقلا بين الشام ومصر. وقد عزم على تأدية فريضة الحج وهو بالشام ، غير أنه فضل أن يجعل طريقه إلى الحجاز مارا ببغداد. انظر : مريزن سعيد مريزن عسيري : المرجع السابق ، ص ٤٥٨ ـ ٤٥٩.