على الأدغال في وادي الأردن ، بينما أشجار النخيل ـ والتي اختفت منذ ذلك الحين ـ كانت مزدهرة في ذلك المناخ شبة الاستوائي في أريحا (١) وبيسان.
وتستمد روايات دانيال مزيدا من الاهتمام ، ليس لان الكاتب في حقيقة الأمر عضو في الكنيسة الروسية (اليونانية) فقط ، ولكن لأنه راهب دير ومن المفترض انه انسان ذو علم وذكاء. وهي مكتوبة أيضا بروح ورعة مؤمنة كما هو متوقع من كاهن يوناني لا يحمل أي عداوة تجاه المذهب اللاتيني السائد. وكان يصحب دانيال في رحلته راهبا ينتمي إلى دير القديس سابا (٢) وكان هذا رجلا مسنا ، ضليعا في الكتب المقدسة ، كما كان ضيفا مكرما لدى العديد من الأديرة اليونانية في مختلف أنحاء البلاد. إن تعاليمه هي تعاليم الكنيسة الشرقية المحلية ، والتي أشار إليها سايولف (٣) وغيره بأنها التعاليم (النواميس) السوريةSyrian. من الواضح أنه كان لديه معرفة جيدة بالعهد القديم (الأناجيل) في أشكالها اليونانية ، وهو يقتبس من of Protevangelium of James ، حيث استمدت عدة تعاليم (نواميس). وكانت العلاقة بين اليونانيين والكنائس اللاتينية في فلسطين تبدو ودية في تلك الفترة ، وقد كان إذعان ملك بيت المقدس لرجال الدين ورهبان القديس سابا جديرا بالملاحظة (٤) وكان اليونانيون مسؤولين عن كنيسة الضريح المقدس (كنيسة القيامة) ، وقد احتفظوا بمفاتيح الضريح المقدس. وكانت المصابيح اليونانية توضع على الضريح نفسه أثناء الاحتفال بشعائر
__________________
(١) أريحا : من أقدم المدن في العالم ذكرها الرحالة والجغرافيون المسلمون بأنها مدينة الجبارين ، وتشتهر بكثرة أشجار النخيل ، ويوجد فيها نبات الوصمة الذي تصنع منه النيلة. انظر : لي سترانج : فلسطين في العهد الاسلامي ، ص ٣١٤. وقد شيدت المدينة قبل ثلاثة آلاف سنة (٣٠٠٠ ق. م) وسميت بريحو وتعني في الكنعانية والآرامية مدينة القمر. وتتميز بموقعها الجغرافي الجميل ، وكانت من الممالك الكنعانية الشهيرة. وهي أول من تعرضت للغزو العبراني ، وورد في كتاب العهد القديم أن يوشع بن نون أمر جماعته بإحراق المدينة وقتل أهلها انظر : يوشع ٦ : ٢١ ـ ٢٤ ابراهيم الشريقي : أورشليم وأرض كنعان (حوار مع أنبياء وملوك اسرائيل) ، شركة الشرق الأوسط للطباعة عمان ١٩٨٥ م ، ص ٦٤. (الترجمة العربية)
(٢) دير القديس سابا : شيد هذا الدير على شرف القديس سابا أحد أتباع السيد المسيح عليه السلام ، وهو من الأديرة الضخمة الجميلة ، وكان يعيش فيه نحو ثلاثمائة راهب يوناني في الفترة الواقعة بين سنتي ١١٠٢ ـ ١١٠٣ م / ٤٩٦ ـ ٤٩٧ ه.
Cf. Saewulf\'s Pilgrimage to Jerusalem and the Holy Land, trans. by W. R. Brownlow, London ٩٨٨١, p ١٢
سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ١٤٦ ، هامش ٥. ودير القديس سابا مشهور جدا باسم دير مار سابا وهو واقع بين بيت لحم والبحر الميت. انظر : سعيد البيشاوي : الممتلكات ، ص ١٤٦ ، هامش ٥.
(٣) سايولف : وهو أحد الرحالة الغربيين الذين زاروا الأراضي المقدسة في بداية الغزو الفرنجي الصليبي للمنطقة وعلى وجه التحديد في الفترة الواقعة بين سنتي ١١٠٢ ـ ١١٠٣ م.
(٤) وجد رجال الدين في دير القديس سابا الأرثوذكسي معاملة حسنة من الملك بلدوين الأول ، خاصة وأن هذا الدير كان من أهم الأديرة الأرثوذكسية التي بقيت في فلسطين زمن الغزو الصليبي. انظر سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، صCf. also : Runciman, S., History of the Crusades, Vo. ٢١. ٦٤١ p. ١٢٣ ـ Hamilton, B. The Latin Church in the Crusader States, London ٠٨٩١, p. ٦٦١.