الديكابوليس (١) كانت مدينة ، إلى جانب أخطاء أخرى عن تلك الفترة. وعلى سبيل المثال فإن الوصف الغريب للمعركة التي وقعت قرب أريحا ، التي حدث خلالها أن توقفت الشمس ثابتة بينما كان يوشع يغزو عوج ملك باشان ، والبيان فيما يتعلق بهذه الأحداث يقول بأنها حدثت في بيسان ، والطريقة التي حدث فيها خلط في إنجيل مرقس في الاصحاح الأول بين الفقرات ١٦ ـ ١٨ و ١٩ ـ ٢٠ من الاصحاح نفسه. ولا يمكن الاعتماد كثيرا على المسافات والأبعاد المعطاة فقط. إن تصاميم خطوط الرحلات الرومانية القديمة لم تعد تستعمل ، فكانت المسافة تقريبية فقط. أما الأخيرة فهي خاطئة في معظم الحالات ، إما بسبب تلف النصوص (المخطوطات) أو لأنها نقلت على عجل من معلومات ناقصة. وكان دانيال عند إعطاء اتجاه مكان كثيرا ما يلجأ إلى الانقلاب الشمسي في الشتاء أو الانقلاب الصيفي للشمس الذي يبدو مثل تذكر الأيام الخوالي ، عند ما كانت الحجارة المؤشرة توضع لتبين انحراف الشمس شمالا أو جنوبا ، وقد أبدى ارتياحا عاما بدأت نقطة شروق الشمس تعود باتجاه الشمال.
ويبدأ دانيال بتخطيط رحلته من القسطنطينية ، حيث بدأ رحلته بحرا إلى يافا ، وزار في طريقه (مدينة) أفسوس ، وجزيرة قبرص ، والعديد من الأماكن الأخرى ، ويبدو أن رحلته كانت مليئة بالأحداث ، وهو يفصّل حديثه بعناية عن الأماكن التي دفن بها القديسون والرجال المبجلون ، ويذكر" الغبار الطاهر" الذي يرتفع كل عام من ضريح القديس يوحنا ، والصليب المعلق في الهواء فوق جبل ترودوس Troodos في قبرص ويصف الطريقة التي تجمع بها الميعة (٢) Storax على جبل ليسياLycia. ومن يافا سافر عبر اللد التي وجدها مهجورة ، إلى منطقة النبي صموئيل (٣) المعروفة
__________________
(١) سيرد الكلام عن الديكابوليس في مكان آخر ، وذلك أعم للفائدة ، وتمشيا مع وصف دانيال لهذا الموقع.
(٢) انظر الملحق الخامس من هذه الدراسة.
(٣) هذا آخر قضاة بني اسرائيل ، ولما رأى قومه قد ابتعدوا عن عبادة الله وإطاعة أوامره ، وارتكابهم للفواحش. عمل جاهدا من أجل إعادتهم لعبادة الله وإصلاح ما أعوج من اخلاقهم. وكلمة صموئيل هي تحريف ل" صموئيل" وقد ذكر مصطفى الدباغ أنها كلمة عبرانية بمعنى اسمه الله. أو اسمه إيل انظر : بلادنا فلسطين : ج ٨ ، ق ٢ ، ص ٩٢ ـ ٩٣ لا نعتقد في أن كلمة صموئيل ذات أصل عبري ، لأن كلمة إيل هي كلمة عربية بمعنى الاله أو الرب ، وقد استخدمت منذ أقدم العصور في بلاد اليمن ، وكذلك عند العرب الكنعانيين في فلسطين. ومن المحتمل أن العبريين استخدموا الكلمة بالمفهوم العربي نفسه ، أما فيما يتعلق بمنطقة النبي صموئيل فهي تقع في الشمال الغربي من بيت المقدس. وقد شيدت قرية في المنطقة تحمل اسم قرية النبي صموئيل وتم بناؤها على قمة جبل يرتفع عن سطح البحر بحوالي ٨٨٥ متر. ويشير بعض الباحثين إلى أن القرية بنيت في موقع بلدة مصفاة الكنعانية. ويشتمل موقع النبي صموئيل على مجموعة من الآثار منها : حظيرة محصنة ، خزان منقور في الصخر ، صهاريج ، أساسات مدافن ، فضلا عن جامع كان في الأصل كنيسة صليبية. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ص ٩٢ ـ ٩٣. أما الجبل الذي شيدت عليه القرية فيحمل أيضا اسم جبل النبي صموئيل ، ويعتبر من أعلى القمم الموجودة قرب بيت المقدس. وقد أطلق عليه الفرنجة الصليبيون اسم Mont Joie بمعنى جبل الابتهاج أو جبل السرور والبهجة ، حيث تراءت لهم لأول مرة بيت المقدس بأسوارها وأبراجها العالية سنة ١٠٩٩ م. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ط ١ ، بيروت" دار الطليعة" ١٩٧٤ ، ص ١٤.