المنطقة وأشاهد كل أرض الجليل ، والتي لم أجرؤ أبدا في أن أمني النفس بذلك ، وتجولت بقدمي الآثمتين فوق جميع الأراضي المقدسة التي طالما كنت أتوق لرؤيتها. لقد وصفت تلك الأماكن بكل صدق ، ودون أدنى نوع من الكذب ، وكما رأيتها. وكثير ممن زاروا هذه الأماكن ، لم يستطيعوا استكشافها بشكل جيد ، وكثير ممن لم يصلوا إلى الأماكن المقدسة ، كانوا يروون حكايات تتسم بالكذب والخرافة. وبالنسبة لي أنا الآثم ، فقد هيأ الله لي التعرف إلى رجل مسن ، صالح يتميز بالورع والتقوى ، أمضى ثلاثين سنة في الجليل وعشرين اخرى في دير القديس سابا ، وقد زودني هذا الرجل بكل الشروحات والتفسيرات الذي يحتوي عليها الكتاب المقدس. وكيف يتسنى لآثم مثلي أن يرد الجميل بشكل كاف لما منحني الله من فضل عظيم!.
وأمضينا كل ذلك اليوم قرب الجسر ، وعند اقتراب المساء عبر الأمير بلدوين (١) فوق نهر الأردن مع جيشه وزحف باتجاه دمشق ، بينما ذهبنا نحن إلى مدينة طبرية ، حيث بقينا هناك لمدة عشرة أيام حتى عودة الأمير من حملته على دمشق ، وقمنا أثناء هذه المدة بزيارة جميع الأماكن المقدسة الواقعة على شاطئ بحيرة طبرية.
٧٨ ـ بحر طبرية : يستطيع المرء أن يسير حول بحر طبرية كما لو كان بحيرة ، ومياه البحيرة عذبة (٢) ، ولا يمكن للمرء أن يكتفي أو يشبع من شرب هذا الماء. وتبلغ البحيرة خمسين فرستا طولا وعشرين فرستا عرضا (٣). والبحيرة مليئة بالأسماك ، وتحتوي على نوع سمكة الشبوط على وجه الخصوص ، وهي التي كان المسيح مغرما بها وهي تفوق جميع أنواع الأسماك الأخرى في النكهة ، وكثيرا ما أكلت منها أثناء إقامتي في المدينة ، وهي السمكة نفسها التي أكلها المسيح بعد بعثه ، عند ما جاء إلى أتباعه الحواريين ، الذين كانوا يقومون بصيد السمك ، وقال" أيها الأبناء ، أليس عندكم شيئا تأكلونه؟ فأجابوا" نعم" فقال لهم ، " ألقوا بالشبكة نحو جهة اليمين؟ " (٤).
٧٩ ـ منابع نهر الأردن : تبلغ المسافة من منابع نهر الأردن وجسوره حتى حمامات المسيح ، والعذراء المقدسة والحواريين تبلغ المسافة ست فرستات من هذه الحمامات المقدسة (٥) إلى مدينة طبرية مقدار فرست واحد. وطبرية مدينة كبيرة جدا ، حيث تمتد مسافة فرستين طولا
__________________
(١) انظر الهامش رقم (٥) في الصفحة السابقة (الترجمة العربية)
(٢) مياه بحيرة طبرية كما هي في النهر ، كما أنها ليست مالحة.
(٣) ابتعد دانيال عن الحقيقة فهو يذكر ان طول البحيرة خمسون فرستا أي ٥ ر ٥٢ كم ، وعرضها عشرون فرستا أي ٢١ كم والواقع أن طول البحيرة يبلغ ١٣ ميلا أي ٢٤ ر ٢٤ كم وعرضها نحو ٧ أميال حوالي ٩٣٦ ر ١٢ كم. انظر : محمود سعيد عمران : كتابات الرحالة اركولف كمصدر لبلاد الشام في عصر الراشدين ، ص ٣١٧.
(٤) يوحنا ٢١ : ٦٥ ..
(٥) كانوا يصطادون السمك من القارب (أي عن طريق استعمال القارب أثناء عملية الصيد) ، المخطوطة التي تحمل الرمزF. ومن المحتمل أن يكون السمك الذي اشير اليه من النوع الذي يعيش في بحيرة طبرية ذكر العهد الجديد أن المسيح ـ عليه السلام ـ سأل الغلمان : ألعل عندكم إداما. أجابوه لا. فقال لهم : ألقوا الشبكة إلى جانب السفينة الايمن فتجدوا. فالقوا ولم يعودوا يقدرون أن يجذبوها من كثرة السمك.
الاصحاح الحادي والعشرين ٥ ـ ٧ (الترجمة العربية)