أبو عبيد القاسم بن سلام
وأما أبو عبيد القاسم بن سلّام فإنه مصنّف حسن التأليف ، إلا أنه قليل الرواية يقطعه عن اللغة علوم افتنّ فيها.
وأما كتابه المترجم «بالغريب المصنف» فإنه اعتمد فيه على كتاب عمله رجل من بني هاشم جمعه لنفسه ، فأخذ كتب الأصمعيّ فبوّب ما فيها وأضاف إليه شيئا من علم أبي زيد ، وروايات عن الكوفيين.
وأما كتابه في «غريب الحديث» فإنه اعتمد فيه على كتاب أبي عبيدة بن المثنّى في «غريب الحديث» ، وكذلك كتابه في «غريب القرآن» منتزع من كتاب أبي عبيدة ، وكان مع هذا ثقة ورعا لا بأس به ؛ وقد روى عن الأصمعيّ وأبي عبيدة ، ولعلّه سمع من أبي زيد شيئا ؛ وسمع من الفراء ، والأمويّ وأبي عمرو والأحمر.
وذكر أهل البصرة أن أكثر ما يحكيه عن علمائهم غير سماع ، إنما هو من الكتب ؛ وقد أخذت عليه مواضع في كتابه «الغريب المصنّف».
وكان ناقص العلم بالإعراب ، أخبرنا محمد بن عبد الواحد قال : أخبرنا المعبديّ ، قال أبو عبيد : جمعت كتاب «الغريب المصنف» في ثلاثين سنة ، وجئت به إلى محمد بن عبد الله بن طاهر ، فأمر بألف دينار.
وكان أبو عبيد يسبق بمصنّفاته إلى الملوك ، فيجيزونه عليها ؛ فلذلك كثرت مصنّفاته. وهو مولىّ للأزد من أبناء أهل خراسان ، وكان مؤدّبا ، ثم ولي قضاء طرطوس أيام ثابت بن نصر بن مالك ، ولم يزل معه ومع ولده ؛ وحجّ بعد قدومه بغداد ، وبعد أن صنّف ما صنّف من كتبه. وتوفّي بمكّة سنة أربع وعشرين ومائتين.