ابن السّكيت
وأحمد بن يحيى ثعلب
وانتهى علم الكوفيين إلى أبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكّيت (١) وأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب الشيبانيّ (٢) ، مولى لبني شيبان ؛ وكانا ثقتين أمينين ، ويعقوب أسنّ وأقدم موتا ؛ وكان أحسن الرجلين تأليفا ، وكان ثعلب أعلمهما بالنحو ، وكان يعقوب يضعّف فيه.
فحدّثنا عبد القدوس بن أحمد قال : أخبرنا ثعلب قال : كنت عند يعقوب يوما فسألني عن شيء ، فصحت ـ وكان ثعلب شديد الحدّة ـ قال فقال لي ـ لا تصح ، فو الله ما سألتك إلا مستفهما.
وأخبرنا محمد بن يحيى قال : أخبرنا ثعلب قال : كنت عند يعقوب يوما فجاءه رجل من غلمان المازنيّ من أهل البصرة ، فقال : أخبرني ما وزن «نكتل» من الفعل؟ فقال يعقوب : «نفعل» ، فقلت له : إنه يقول لك «نفتعل» فلقّنها يعقوب ، وفطن ثم التفتّ إلى البصريّ فقلت له : كيف تقول : أحوج ما أنت إليه النحو»؟ فقال : أحوج ما أنت إليه النحو. قلت : أخطأت ، إنما الكلام : أحوج ما أنت إليه محتاج النحو. قال : فخرس.
وكان يعقوب أخذ عن أبي عمرو والفراء ، وكان يحكي عن الأصمعي وأبي عبيدة وأبي زيد من غير سماع إلا ممّن سمع منهم ؛ نحو الأثرم وابن نجدة وأبي نصر. وكان ربما حكى عن أعراب ثقات عنده. وقد أخذ عن ابن الأعرابي شيئا يسيرا.
وكان أبو العبّاس ثعلب يعتمد على ابن الأعرابيّ في اللغة ، وعلى سلمة في النحو ؛ وكان يروي عن ابن نجدة كتب أبي زيد ، وعن الأثرم كتب أبي عبيدة ، وعن أبي نصر كتب أبيه ؛ وكان ثقة ، وقد أخذ عمّن أخذ عنه ، وليس فيمن لقينا من أخذ عن يعقوب لتقدّم موته.
__________________
(١) توفي ابن السكيت سنة ٢٤٤. (طبقات الزبيدي ٢٢٣).
(٢) توفي ثعلب سنة ٢٩١. (طبقات الزبيدي).