أول ظهور
اللحن في الكلام
واعلم أنّ أول ما اختلّ من كلام العرب فأحوج إلى التعلّم الإعراب ، لأن اللّحن ظهر في كلام الموالي والمتعربين من عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ؛ فقد روينا أن رجلا لحن بحضرته فقال : «أرشدوا أخاكم. فقد ضلّ».
وقال أبو بكر رضي الله عنه : لأن أقرأ فأسقط أحبّ إليّ من أن أقرأ فألحن. فقد كان اللحن معروفا ؛ بل قد روينا من لفظ النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال : «أنا من قريش ، ونشأت في بني سعد (١) ، فأنّى لي اللّحن!».
وكتب كاتب لأبي موسى الأشعري إلى عمر : «من أبو موسى» ؛ فكتب إليه عمر : سلام عليك ، أما بعد فاضرب كاتبك سوطا واحدا ، وأخّر عطاءه سنة.
وكان عليّ بن المديني (٢) لا يغير الحديث وإن كان لحنا ؛ إلا أن يكون من لفظ النبي صلّى الله عليه وسلّم ، فكأنه يجوّز اللّحن على من سواه.
__________________
(١) هم بنو سعد بن بكر بن هوازن ؛ أظآر النبي عليه السّلام ، واسترضع عندهم ، وكان حاضنه منهم الحارث بن عبد العزى بن رفاعة ، ومرضعه زوجه حليمة بنت عبد الله بن الحارث.
(وانظر جهرة الأنساب لابن حزم ٣٥٣).
(٢) هو علي بن عبد الله بن جعفر المديني ؛ بصري ، وأصله من المدينة ، أصدر في الحديث مصنفات كثيرة لم يسبق إلى معظمها ؛ وتوفي سنة ٢٣٤ (تهذيب التهذيب).