يحيى بن يعمر
ولا يذكر أهل البصرة يحيى بن يعمر في النحوييّن ، وكان أعلم الناس وأفصحهم ، لأنه استبدّ بالنحو غيره ممن ذكرنا ، فكانوا هم الذين أخذ الناس عنهم ؛ وانفرد يحيى بن يعمر بالقراءة ، وهو الذي قال للرجل الذي خاصمته إليه امرأته في صداقها : أأن سألتك ثمن شكرها وشبرك أنشأت تطلّها وتضهلها! ويقال : تضهدها (١). فالشّبر : النّكاح. وجاء في الحديث أنه نهى (٢) عن شبر الفحل ـ يريد ثواب الفحلة. والشّكر : البضع. قال ابن الأعرابيّ : شكر المرأة : فرجها ، وأنشد لأبي شهاب الهذليّ :
صناع بإشفاها ، حصان بشكرها |
|
جواد بقوت البطن ، والعرق زاجر (٣) |
أراد بإشفاها طرفها. وقوت البطن : الحديث ، لأنه يخرج من الجوف ، يقول : فإن رمت غير ذلك وجدت عفافا (٤).
وقوله : «والعرق زاجر» ، أي مرتفع ، يصفها بالشرف.
وقول يحيى بن يعمر : «تطلّها» يريد تمطلها. وتضهلها ، أي تقتّر وتضيّق عليها. وتضهدها ؛ تظلمها ، والاضطهاد ، افتعال منه.
والذين ذكرنا من الكوفيين هم أئمّتهم في وقتهم ، وقد بيّنا منزلتهم عند أهل البصرة ، فأمّا الذين ذكرنا من علماء البصرة فرؤساء علماء معظّمون غير مدافعين في المصرين جميعا.
__________________
(١) الخبر في البيان والتبيين ١ / ٣٧٨.
(٢) بخط «ابن نوبخت : نهي» بالبناء للمجهول.
(٣) بخط ابن نوبخت : «زاخر» ؛ وهو يوافق رواية اللسان في «زخر» وزاخر : وافر. قال الجوهري : «معناه ؛ يقال إنها تجود بقوتها في حال الجوع ؛ ويقال : نسبها مرتفع ، لأن عرق الكريم يزخر بالكرم». والبيت أيضا في إصلاح المنطق ١٤٨.
(٤) العفاف : العفة.