وذكروه في شعرهم. فقال إسحاق الموصلي يهجو الأصمعيّ ، وحسبك بالأصمعيّ :
أليس من العجائب أنّ كلبا |
|
أصيمع باهليّا يستطيل! |
ويزعم أنّه قد كان يفتي |
|
أبا عمرو ويسأله الخليل |
وقال خالد النجار يهجو التّوّجيّ :
يا من يزيد تمقّتا |
|
وتباغضا في كلّ لحظه |
والله لو كنت الخليل |
|
لما كتبنا عنك (١) لفظه |
وقال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير :
لو لا الإله وأنّني متخوّف |
|
مما أقول لعنت قبر خليل |
ألقى مسائل في العروض تغمّنا |
|
من فاعل مستفعلن وفعول |
وقال أبو تمّام حبيب بن أوس الطائيّ يهجو عياش بن لهيعة الحضرميّ :
فقدتك من زمان شرّ فقد |
|
وغالت حادثاتك كلّ غول (٢) |
محت نكباته سبل المعالي |
|
وأطفأ ليله سرج العقول |
فما حيل الأريب بساترات |
|
فضائحه ولا لبّ الأصيل (٣) |
فلو نشر الخليل له لعفّت |
|
بلادته على فطن الخليل |
فما أدري عماي عن ارتيادي |
|
دهاني أم عماك عن الجميل |
وأنشدونا عن المبرّد :
لم يدر ما علم الخليل فيقتدي (٤) |
|
ببيان ذاك ولا حدود المنطق |
وكان في هذا العصر ثلاثة ؛ هم أئمّة الناس في اللغة والشعر وعلوم العرب ، لم ير مثلهم قبلهم ولا بعدهم ، عنهم أخذ جلّ ما في أيدي الناس من هذا العلم عنهم ، بل كلّه ؛ وهم أبو زيد وأبو عبيدة والأصمعي ، وكلّهم أخذوا عن أبي عمرو اللغة والنحو والشعر ، ورووا عنه القراءة ، ثم أخذوا بعد أبي عمرو عن عيسى بن عمر وأبي الخطاب الأخفش ويونس بن حبيب ، عن جماعة من ثقات الأعراب
__________________
(١) خ : «عنه».
(٢) ديوانه ٥٠٣.
(٣) رواية الديوان :
فما حيل الأديب بمدركات |
|
عجائبه ولا فكر الأصيل |
(٤) بخط ابن نوبخت (عن نسخة): «فيهتدي».