أبو زيد سعيد بن أوس
وكان أبو زيد أحفظ الناس للّغة بعد أبي مالك وأوسعهم رواية ، وأكثرهم أخذا عن البادية.
وقال ابن مناذر : كان الأصمعيّ يجيب في ثلث اللّغة ، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها ، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها ، وكان أبو زيد يجيب في ثلثيها ، وكان أبو مالك يجيب فيها كلّها.
وإنما عنى ابن مناذر توسّعهم في الرّواية والفتيا ، لأن الأصمعيّ كان يضيّق ، ولا يجوّز إلا أفصح اللّغات ، ويلجّ في ذلك ويمحك ، وكان مع ذلك لا يجيب في القرآن وحديث النبي صلّى الله عليه وسلّم ؛ فعلى هذا يزيد بعضهم على بعض.
وأبو زيد هو سعيد بن أوس بن ثابت من الأنصار ، وهو من رواة الحديث ، ثقة عندهم مأمون ، وكذلك حاله في اللّغة ؛ وكان من أهل العدل والتشيّع ، وكان أبوه أوس بن ثابت محدّثا أيضا.
أخبرنا محمد بن يحيى قال : حدّثنا محمد بن يزيد الثماليّ قال : حدّثنا المازنيّ قال : حدّثنا أبو زيد قال : حدّثنا شعبة قال : حدّثنا أوس بن ثابت ـ وهو أبو أبي زيد ـ عن أبيه قال : أتي شريح (١) في ابني عمّ ؛ أحدهما زوج والآخر أخ لأم ، فقال شريح : للزوج النصف وما بقي فللأخ من الأم ؛ فقال عليّ عليه السّلام : أخطأ العبد الأبظر (٢) ، للزوج النّصف ، وللأخ من الأم السدس ، وما بقي فبينهما نصفان.
وقد أخذ عن أبي زيد اللغة أكابر الناس ؛ منهم سيبويه وحسبك.
قال أبو حاتم عن أبي زيد : كان سيبويه يأتي مجلسي وله ذؤابتان. قال : فإذا سمعته يقول : «حدّثني (٣) من أثق بعربيّته» فإنّما يريدني. وكبرت
__________________
(١) هو شريح بن الحارث بن قيس الكندي الكوفي ، استقضاه عمر على الكوفة وأقره عليّ ، وأقام على القضاء بها ستين سنة ، وتوفي سنة ٨٥ ، على خلاف في ذلك (تهذيب التهذيب ٤ / ٣٢٦).
(٢) الأبظر هنا : الناتىء الشفة العليا مع طولها ونتوء في وسطها محاذ للأنف.
(٣) خ : «وحدثني».