الأصمعي أبو سعيد
عبد الملك بن قريب
وأما الأصمعيّ أبو سعيد عبد الملك قريب بن أصمع بن عليّ بن أصمع الباهليّ فإنه كان أتقن القوم للّغة ، وأعلمهم بالشعر ، وأحضرهم حفظا. وكان أبوه قد رأى الحسن وجالسه. وكان تعلّم نقد الشعر من خلف الأحمر مولى الأشعريّين.
وهو خلف بن حيّان ، ويكنى أبا محمد وأبا محرز.
وقال أبو حاتم عن الأصمعيّ : كان خلف مولى أبي بردة (١) بن أبي موسى الأشعريّ ، أعتقه وأعتق أبويه ، وكانا فرغانيّين ، وكان أعلم الناس بالشعر ، وكان شاعرا ، ووضع على شعراء عبد القيس شعرا موضوعا كثيرا وعلى غيرهم عبثا به ، فأخذ ذلك عنه أهل البصرة وأهل الكوفة.
أخبرنا محمد بن يحيى قال : أخبرنا محمد بن يزيد قال : كان خلف أخذ النّحو عن عيسى بن عمر ، وأخذ اللّغة عن أبي عمرو ، ولم ير أحد قطّ أعلم بالشعر والشعراء منه. وكان به يضرب المثل في عمل الشعر ، وكان يعمل على ألسنة الناس فيشبّه كلّ شعر يقوله بشعر الذي يضعه عليه. ثم نسك ، فكان يختم القرآن في كلّ يوم وليلة ، وبذلّ له بعض الملوك مالا عظيما خطيرا على أن يتكّلم في بيت شعر شكّوا فيه ، فأبى ذلك وقال : قد مضى لي في هذا ما لا أحتاج إلى أن أزيد فيه.
وعليه قرأ أهل الكوفة أشعارهم ، وكانوا يقصدونه لما مات حمّاد الراوية ؛ لأنه كان قد أكثر الأخذ عنه ، وبلغ مبلغا لم يقاربه حمّاد ، فلما تقرّأ (٢) ونسك خرج
__________________
(١) هو أبو بردة عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري ؛ كان قاضيا بعد شريح توفي سنة ١٠٣ على خلاف في ذلك. (ابن خلكان ١ / ٢٤٣) ـ وفي إنباه الرواة وبغية الوعاة أنه كان مولى لبلال بن أبي بردة.
(٢) تقرأ : تعبد.