أبو الحسن الأخفش
وأخذ النحو عن سيبويه جماعة ، برع منهم أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش المجاشعيّ من أهل بلخ ، وكان أجلع ، فيما أخبرنا به مشايخنا عن أبي حاتم. والأجلع : الذي لا تنطبق شفته (١).
وكان يقول بالعدل ، أخبرنا محمد بن يحيى قال : حدّثنا محمد بن يزيد قال : أخبرنا المازنيّ قال : كان الأخفش أعلم الناس بالكلام ، وأحذقهم بالجدل ؛ وكان غلام أبي شمر (٢) وعلى مذهبه.
وكان الأخفش أسنّ من سيبويه ؛ أخبرنا عبد القدوس بن أحمد قال : أخبرنا المبرّد قال : كان الأخفش أسنّ من سيبويه ، ولكن لم يأخذ عن الخليل ، وهو الذي تكلّم على كتاب سيبويه وشرحه وبيّنه ، وهو معظّم في النحو عند البصريّين والكوفيّين.
أخبرنا محمد بن عبد الواحد قال : أخبرنا ثعلب عن سلمة عن الفراء عن الكسائي قال : لم يكن في القوم ـ يعني البصريين ـ أعلم من الأخفش ، نبّههم على عوار (٣) الكتاب وتركهم.
يعني كتاب سيبويه.
ولم يكن الأخفش ناقصا في اللّغة أيضا ؛ وله فيها كتب مستحسنة.
وكان أخذ عن أبي مالك النّميريّ. أخبرنا جعفر بن محمد قال : أخبرونا عن المبّرد عن المازنيّ قال : قال الأخفش : سألت أبا مالك عن قول أمية بن أبي الصّلت :
سلامك ربّنا في كلّ فجر |
|
بريئا ما تغنّثك الذموم (٤) |
__________________
(١) بخط ابن نوبخت : «شفتاه».
(٢) أبو شمر ؛ ضبطه السمعاني في الأنساب وابن الأثير في اللباب وصاحب تاج العروس بالكسر ثم السكون ؛ وهو أحد أئمة القدرية المرجئة ، وآراؤه مبسوطة في كتاب الفرق بين الفرق ١٩٠ ـ ١٩١.
(٣) بخط ابن نوبخت : «عوار» بفتح العين ، وكلاهما في اللغة ؛ وأصله العيب في الثوب.
(٤) البيت في ديوانه ٥٤ واللسان (غنث ، ذمم) ، والذموم : العيوب. وفي الأصل : ما تعنتك وهو تحريف صوابه من اللسان (غنث) وغنثت نفسه غنثا إذا لقست.