ابن الكلبي
وأما ابن الكلبيّ فإنه كان أعلم الناس بالنسب ، وكان ينقص عن هؤلاء الذين ذكرنا في اللغة والنحو ، وكان أقدم منهم. وهو هشام بن محمد بن السائب بن بشر ، وهو كثير الرواية على غمز فيه.
أخبرنا جعفر بن محمد قال : أخبرنا محمد بن الحسن الأزديّ قال : قلت لأبي حاتم : تقول : غمد سيفه وأغمده. قال : لا يقال إلا بالألف ، قلت : فيم سمّي غامدا (١) أبو هذه القبيلة؟ قال : من قولهم : غمدت الركيّة إذا كثر ماؤها. قلت : فإنّ ابن الكلبيّ يقول في كتاب النّسب : إنه أصلح بين قوم من عشيرته وتغمّد ما كان بينهم ، أي ستره وغطّاه ، وقال :
تغمّدت شرا كان بين عشيرتي |
|
فأسماني القيل الحضوريّ غامدا (٢) |
فقال : ابن الكلبيّ أعلم ، أي أنه لا يعرف الغريب.
قال الأزديّ : وأنشدنا الرياشيّ بيتا ، عجزه. و «السيف مغمود» ، فذكرته لأبي حاتم فقال : أنشدت الأصمعيّ هذا البيت ؛ فقال : هذا الشعر مصنوع ، وقد رأيت صانعه.
قال أبو الطّيّب اللغويّ : وأما أبو زيد وأبو عبيدة وغيرهما من العلماء فإنهم قالوا : غمدت السيف وأغمدته لغتان فصيحتان. والأوّل قول الأصمعيّ. فأما اشتقاق «غامد» فيمكن أن يكون كما زعم ابن الكلبي ؛ من غمدت السيف وغيره ، وكلّ شيء غطّيته وسترته بشيء وأغشيته إياه ، غمدته وأغمدته وغمّدته ، قال العجّاج :
تغمّد الأعداء جورا مردسا (٣)
__________________
(١) غامد : حي من اليمن ؛ قال الشاعر :
ألا هل أتاها على نأيها |
|
بما فضحت قومها غامد |
(٢) البيت في اللسان (غمد). والحضور قبيلة في اليمن ، وضبطها ابن نوبخت بضم الحاء.
(٣) ديوانه ٣٣ وروايته : «يعمد الأجواز» ، وهو أيضا في اللسان (ردس) ، والمردس : الحجر يرمى به.