«أقْعَى : إقْعَاء : ألصق إليته بالأرض ونصب ساقيه ، ووضع يديه على الأرض ، كما يُقْعِي الكلب» (١٥٥). والمراد به هنا ؛ السكوت والقعود عن الأمر ، وإلى هذا يشير ابن الأعرابي بقوله :
فأقْعِ كما أقْعَى أبوكَ على اسْتِهِ |
|
يرى أنّ رَيْماً لا يُعَادِ لُه (١٥٦) |
الرَيْمُ : «الفضل والزيادة ، تقول : في هذا العِدْل رَيْمٌ على الآخر ، إذا كان أثقل منه» (١٥٧).
وبعد هذا الإيضاح ، نستفيد التالي :
إنّ هذه السيدة الجليلة ، بعد أنّ وبختهم على عظيم جنايتهم وفعلهم ؛ كظمت غيظها وتحملت هذه المصائب العظام ، لعلمها بأنّ الباري عَزّ وجَلّ سينتقم من أعدائهم ، ويرفع درجتهم في الآخرة ، وهذا هو المعروف من سيرة أهل البيت عليهم السلام ، ويؤيد ذلك التالي :
ورد في خطبتها عليها السلام : (فإنّ ما أصابنا من المصائب الجليلة ، والرزايا العظيمة : (فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد / ٢٢ ـ ٢٣]. تباً لكم فانظروا اللعنة والعذاب ، فكأن قد حَلّ بكم ، وتواترت من السماء نقمات ، فيسحتكم بعذاب ويذيق بعضكم بأس بعض ، ثم تخلدون في العذاب الأليم ، يوم القيامة بما ظلمتمونا ، ألا لعنة الله على الظالمين) (١٥٨).
__________________
(١٥٥) ـ الفيومي ، أحمد بن محمد : المصباح المنير ، ج ٢ / ٥١٠.
(١٥٦) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ١٢ / ٢٦٠.
(١٥٧) ـ معلوف ، لويس : المنجد في اللغة / ٢٩٠.
(١٥٨) ـ المقرم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٣١٥.