تراقبها كل يوم ، حتى إذا كان يوم عاشوراء من سنة ٦١ هجرية ، فإذا بالتربة قد إنقلبت دماً عبيطاً ، فصرخت : وا ولداه واحسيناه وأبرت أهل المدينة بقتل الحسين.
ولقد أجمع علماؤنا أنّ أوّل من إتخذ من تراب كربلاء ـ بعد إستشهاد أبي عبد الله الحسين ، سيد الشهداء وأنصاره وصحبه السعداء الشهداء الأوفياء ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ هو السجاد زين العابدين ؛ إذ حمل معه كيساً من تلك التربة الزاكية الطيّبة ، فكان يسجد على بعضها وصنع ببعضها مسباحاً يُسبّح به ، وهكذا فعل أئمة أهل البيت عليهم السلام من بعده ، وهم أحد الثقلين.
فيلزم الإقتداء بهم والأخذ بقولهم وفعلهم لقول النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم : (إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ، وهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) (٢٣٢) ، فالتمسك بهم وبقولهم وفعلهم أمان من الضلال ، وموجب لدخول الجنة معهم إن شاء الله تعالى. ولقد روى شيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي ، رضوان الله تعالى عليه ، في كتابه «مصباح المتهجد» بأنّ الإمام الصادق ، جعفر بن محمد عليهما السلام كان يحمل معه شيئاً من تربة كربلاء في منديل أصفر ، وكان وقت الصلاة يفتح ذلك المنديل ، ويسجد على تلك التربة ، وكان يقول : إنّ السجود على تراب قبر جدي الحسين عليه السلام غير واجب ، ولكن أفضل من السجود على غيره من بقاع الأرض ، وهذا رأي جميع فقهاء الشيعة بلا إستثناء.
__________________
(٢٣٢) ـ الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن : مصباح المتهجد / ٥١٠.