٢ ـ الشيخ يوسف البحراني :
بعد أن ذكر جواب العلامة الحلي على سؤال مهنا بن سنان ، قال : «لا يخفى ما في كلام السائل والمسئول من التأييد لما قدمناه ، من كون الحس المشترك ، الذي هو عبارة عن مجرد تخليه وتصوره ؛ إذ مجرد التخيل والتصور لا يصح أن يترتب عليه حكم شرعي ، لا وجوباً ولا إستحباباً ، وحاصل جواب العلامة ـ رحمه الله ـ أنّه وإن كان قد رآه في المنام ، إلا أنّه لم يقم دليل على وجوب الإتباع في الرؤية النومية وهو جيد.
أما أولاً ـ فلأن الأدلة الدالة على وجوب متابعتهم وأخذ الأحكام منهم (عليهم السلام) إنما تحمل على ما هو المعروف المتكرر دائماً على الأفراد الشايعة التي ينصرف إليها الإطلاق دون النادرة.
وأما ثانياً ـ فلأنّ الرؤيا وإن كانت صادقة فإنّها قد تحتاج إلى تأويل وتفسير وهو لا يعرفه ، فالحكم بوجوب العمل بها والحال كذلك مشكل.
وأما ثالثاً ـ فلأنّ الأحكام الشرعية إنما بنيت على علوم الظاهرة ، لا على العلم بأي وجه إتفق ، ألا ترى أنهم عليهم السلام إنما يحكمون في الدعاوى بالبينات والأيمان وربما عرفوا المحقّ من المبطل واقعاً ، وربما عرفوا كفر المنافقين وفسق الفاسقين ، ونجاسة بعض الأشياء بعلومهم المختصة بهم؟ إلا أنّ الظاهر أنهم ليسوا مأمورين بالعمل بتلك العلوم في أحكام الشريعة ، وقد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم : (إنّا نحكم بالظاهر ، والله المتولى للسرائر) (٣١٠).
__________________
(٣١٠) ـ فخر المحققين ، الشيد محمد بن الحسن : إيضاح الفوائد ، ج ٣ / ٤٨٦.