فقلت : وعلى رسول الله السلام ، يا رسول ، رسول الله من أنت؟ قال وصيف من وصائف الجنة. فقلت : من هؤلاء المشيخة الذين جاؤوا على النجب؟
قال الأول آدم صفوة الله ، والثاني إبراهيم خليل الله ، والثالث موسى كليم الله ، والرابع عيسى روح الله. فقلت : من هذا القابض على لحيته يسقط مرة ويقوم أخرى؟ فقال : جدك رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقلت : وأين هم قاصدون؟ قال : إلى أبيك الحسين عليه السلام. فأقبلت أسعى في طلبه لأعرفه ما صنع بنا الظالمون بعده. فبينا أنا كذلك إذ أقبلت خمسة هوادج من نور ، وفي كل هودج إمرأة. فقلت : من هذه النسوة المقبلات؟ قال : الأولى حواء أم البشر ، والثانية آسية بنت مزاحم ، والثالثة مريم بنت عمران ، والرابعة خديجة بنت خويلد ، والخامسة الواضعة يدها على رأسها تسقط مرة وتقوم أخرى ، جدتك فاطمة بنت محمد أم أبيك. فقلت : والله لأخبرنها ما صنع بنا ، فلحقتها ، فوقفت بين يديها أبكي ، وأقول : يا أمّاه جحدوا والله حقنا ، يا أمّاه بددوا والله شملنا ، يا أمّاه إستباحوا والله حريمنا ، يا أمّاه قتلوا والله الحسين أبانا. فقالت : كفي صوتك يا سكينة ، فقد أحرقت كبدي ، وقطعت نياط قلبي ، وحدثت به أهلي ، فشاع بين الناس» (٣٦١).
٣ ـ قال الراوي : «فلما سكن الروع ، قالت سكينة : إعلم يا يزيد ، أني البارحة كنتُ بين النوم واليقظة ؛ إذ رأيت قصراً شرفاته من الياقوت ، وإذا بباب قد فتح ، فخرج منه خمسة مشايخ قد عظم الله تعالى أجورهم ، وزاد في نورهم ، ويقدمهم وصيف فتقدمت إليه وقلت : يا فتى لمن هذا
__________________
(٣٦١) ـ ابن نما ، الشيخ محمد جعفر الحلي : مثير الأحزان / ١٠٤ ـ ١٠٥.