ثانياً ـ إنّ رواية الشيخ ابن نما الحلي تنصّ على أنّ سكينة لم تقص الرؤيا على يزيد (بع) ، بل أرادت إخفائها عنه ، فشاعت بين الناس ، وهذا هو الأقرب إلى الصحة ، وذلك لما يلي :
١ ـ إنّ بعض الروايات التي نصت على إخبارها ليزيد برؤياها ، تنص على أنّ يزيد تارة يسخر من كلامها ، وتارة أخرى يبكي ويقول : ما لي ولقتل الحسين. فهي متضاربة من حيث النتيجة من الإستهزاء تارة والبكاء تارة أخرى؟!
٢ ـ إنّ مخاطبة السيدة سكينة وقصّ رؤياها ليزيد (لع) مستبعدة ؛ وذلك لما هو الملاحظ من سيرته مع أهل البيت عليهم السلام من الشماتة والإستهزاء بهم ، وقد عَبّرت عنه هذه السيدة الجليلة بما روي عنها : (ما رَأيت أقسى قلباً من يزيد ، ولا رأيت كافراً ولا مشركاً شرّاً منه ، ولا أجفى منه) (٣٦٣).
ثالثاً ـ تنصّ بعض الروايات على أنّ يزيد (لع) كان يهزأ من رؤيا سكينة ، وبعضها تنصّ على أنّه بكى وقال : مالي ولقتل الحسين؟ وإن صح هذا ال قول المنسوب إليه ، فيدل على أنّه لما افتضح بين أهل الشام ، أراد أن يبرر موقفه بالندم تارة ، ونسبة القتل إلى ابن زياد تارة أخرى ، وهذا هو المعروف من سيرته مع أهل البيت عليهم السلام في دمشق. نذكر منها ما يلي :
أ ـ ذكر الشيخ عباس القمي (ره) : «وفي رواية أخرى ، أنّ هند زوجة يزيد بنت عبد الله بن عامر بن كريز ، كانت قبل ذلك تحت الحسين عليه السلام ، فلما دخلت على يزيد كان الملعون جالساً في مجلس عام ، فقالت : يا يزيد ، أرأس ابن افطمة بنت رسول الله مصلوب على فناء داري. فوثب إليها يزيد
__________________
(٣٦٣) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٤٥ / ١٥٥ ـ ١٥٦.