تقوم الليل وتصوم النهار ، وكانت تُشبّه بالحور العين لجمالها ، فلما كان رأس السنة ؛ قالت لمواليها : إذا أظلم الليل ؛ فقوِّضوا هذا الفسطاط. فلما أظلم الليل ، سمعت قائلاً يقول : هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه آخر : بل يئسوا فانقلبوا» (٣٨١).
وبعد هذا نقول : هل مثل هذه المرأة التي ضربت المثل في الحب والوفاء لزوجها ، تُفكِّر في الزواج من غيره؟!
منزلتها وعلو شأنها :
كانت السيدة فاطمة عليها السلام جليلة القدر ، عظيمة المنزلة ، ويكفيها شرفاً وفخراً أنّها تربت في بيت الطهر والقداسة والشرف ، وإليك ـ أيها القارئ الكريم ـ بعض النماذج من سيرتها الطاهرة ، ففي العبادة عَبّر عنها والدها سيد الشهداء عليه السلام : «.. (أما في الدين ؛ فتقوم الليل كله وتصوم النهار) وفي علو المنزلة ما رواه الشيخ الكليني بسنده عن الإمام الباقر عليه السلام قال : (إنّ الحسين بن علي عليهما السلام لما حضره الذي حضره ، دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين عليهما السلام ، فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ، ووصية ظاهرة ، وكان علي بن الحسين عليهما السلام مبطوناً معهم لا يرون إلا أنّه لما به ، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين عليهما السلام ، ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا يا زياد. قال : قلت : ما في ذلك الكتاب جعلني الله فداك؟ قال : فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا ، والله إنّ فيه الحدود ، حتى أنّ فيه أرش الخدش» (٣٨٢).
__________________
(٣٨١) ـ المفيد ، الشيخ محمد بن محمد : الإرشاد ، ج ٢ / ٢٦.
(٣٨٢) ـ الكليني ، الشيخ محمد بن يعقوب ، الكافي ، ج ١ / ٣٠٣.