له : يا هذا إنّ لي أخ صغير قد قتلوه القوم فدعني أتودع منه كافأك الله ، فأمهلها السائق فتخطت نحو خطوات قليلة ، فإنّه كان قريباً من أبيه الحسين عليه السلام ، فلما وقعت عين البنت على أخيها وتحسرت وأنّت وبكت وجعلت تنوح نوحة تذاب الحجر ، ثم إنّها لثمت أخاها متعددات ونامت بطوله ، ثم جلست فرفعته في حضنها وجعلت فمها على منحره ، ونادته : يا ابن أمي لو خيروني بين القيام عندك وأن السباع تأكل لحمي ، وبين الرواح عنك لتخيرت مقامي عندك على الحياة ، فها أنا ذا راحلة عنك ، غير جافية لك ولا لقربك ، وهذه نياق الرحيل تتجاذب بنا على المسير ، فما أدري أين يريدون بنا أهل العناد ، فاقرأ جدي وجدتي عني السلام ، ثم إنّها وضعت فمها على شفتيه وقبّلت خديه وعينيه ، فأتاها السائق وهو يبكي على حالها ، فجَرّها عنه وأبعدها وأركبها مع النساء ، فلما ركبت البنت على الناقة إلتفتت إلى أخيها وقالت : ودعتك السميع العليم إنا لله وإنا إليه راجعون» (٣٨٦).
ب ـ فاطم الصغيرة :
وبهذا الإسم خاطبت السيدة زينب عليها السلام أخاها الحسين عليه السلام حينما رأت رأسه فوق الرمح بالكوفة :
يا أخي فاطم الصغيرة كَلِّمها |
|
فقد كاد قلبها أنّ يذوبا |
__________________
(٣٨٦) ـ القزويني ، السيد رضي بن نبي : تظلم الزهراء / ٢٣٥ ـ ٢٣٦.