أفحج أجلى أمعر يتخطى رقاب الناس حتى قام بين يديه عمر فحيّاه بتحية الخلافة. فقال له عمر : ممن أنت؟ قال : أنا أمرؤ نصراني ، أنا امرؤ القيس ابن عدي الكلبي. قال : فعرفه عمر فقال له رجل : هذا صاحب بكر بن وائل الذي أغار عليهم في الجاهلية يوم فلج. قال : فما تريد؟ قال. أريد الإسلام. فعرضه عليه عمر (ره) فقبله ، ثم دعا له برمح فعقد له على من أسلم بالشام من قضاعة ، فأدبر الشيخ واللواء يهتز على رأسه. قال عوف : فوالله ما رأيت رجلاً لم يصلِّ لله ركعة قط أمر على جماعة من المسلمين قبله ، ونهض علي بن أبي طالب عليه السلام ، ومعه إبناه : حسن وحسين (عليهم السلام) ، حتى أدركه وأخذ بثيابه ، فقال له : يا عم ، أنا علي بن أبي طالب ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصهره ، وهذان إبناي من ابنته ، وقد رغبنا في صهرك ، فأنكحنا فقال : قد أنكحتك يا علي ، المحياة بنت امرئ القيس ، وانكحتك يا حسن ، سلمى بنت المرئ القيس ، وانكحتك يا حسين ، الرباب بنت امرئ القيس» (٤٠٣).
٣ ـ مناقشة هذه القصة :
وبعد عرض هذه القصة والتأمل فيها ؛ إتضح لنا أنّها أسْطُورَة ، وذلك من عدة أمور أهمها التالي :
أولاً ـ إنّ قوله : «ونهض علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ، ومعه إبناه : حسن وحسين (عليهما السلام) ، حتى أدركه وأخذ بثيابه .. الخ». هذا التصرف لا يتناسب مع مقام أمير المؤمنين عليه السلام وخُلقه التي أخذها عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم حيث يُعبِّر عن نفسه ـ كما في الخطبة القَاسِعَة ـ : «ولقد كنت أتّبِعُه إتّباع الفصيل ، أثَرَ أمّه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه
__________________
(٤٠٣) ـ ابو الفرج الإصفهاني ، علي بن الحسين : الأغاني ، ج ١٤ / ١٥٩.