سألت عن زين العابدين عليه السلام ، فها هو عليل نحيل لا يطيق النهوض من كثرة المرض والأسقام ، وإن سألت عن زينب ؛ فأنا زينب بنت علي ، وهذه أم كلثوم ، وهؤلاء بقية مخدرات فاطمة الزهراء ، فلما سمعت هند كلام زينب ؛ رَقّت وبكت ونادت : وا إماماه ، وا سيداه ، وا حسيناه ، ليتني كنت قبل هذا اليوم عمياء ولا أنظر بنات فاطمة الزهراء على هذه الحالة ، ثم تناولت حجراً وضربت به رأسها فسال الدم على وجهها ومقنعتها وغشي عليها ، فلما أفاقت من غشيتها أتت إليها الطاهرة زينب وقالت لها : يا هند ، قومي واذهبي إلى دارك ؛ لأنّي أخشى عليك من بعلك يزيد. فقالت هند : والله لا أذهب حتى أنوح على سيدي ومولاي أبي عبد الله ، وحتى أدخلك وسائر النساء الهاشميات معي في داري ، فقامت وحسرت رأسها ، وشققت الثياب ، وهتكت الستر وخرجت حافية إلى يزيد وهو في مجلس عام ، وقالت : يا يزيد ، أنت أمرت برأس الحسين عليه السلام يشال على الرمح عند باب الدار؟!
رأس ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، مصلوب على فناء داري؟! وكان يزيد في ذلك الوقت جالساً وعلى رأسه تاج مكلل بالدّر والياقوت والجواهر النفيسة ، فلما رأى زوجته على تلك الحالة ؛ وثب إليها فغطاها ، وقال : نعم فأعولي يا هند وأبكي على ابن بنت رسول الله وصريخة قريش ، فقد عَجّلَ عليه ابن زياد لعنة الله عليه فقتله قتله الله ، فلما رأت هند أنّ يزيد غَطّاهَا ؛ قالت له : ويلك يا يزيد أخذتك الحمية عليّ ، فلم لا أخذتك الحمية على بنات فاطمة الزهراء ، هتكت ستورهن وأبديت وجوههن ، وأنزلتهن في دار خربة ، والله لا أدخل حرمك حتى أدخلهن معي؟!