وأمر يزيد بهن إلى منزله ، وأنزلهم في داره الخاصة ، فلما دخلت النسوة ؛ إستقبلتهن نساء آل أبي سفيان وقبلن أيدي بنات رسول الله وأرجلهن ، ونُحْنَ وبَكَيْنَ وقلن : واحسيناه ، وألقين ما عليهن من الثياب والحلي ، وأقمن المآتم ثلاثة أيام ، فما كان يزيد يتغذى ولا يتعشى إلا ويحضر علي بن الحسين عليهما السلام ، وقال يوماً لعلي بن الحسين : إن شئت أقمت عندنا ، فبررناك ، وإن شئت رددناك إلى المدينة. فقال عليه السلام : لا أريد إلا المدينة. فردّه إليها مع أهله» (٤٥١).
رؤياها :
«ونقل عن هند زوجة يزيد قالت : كنت أخذت مضجعي فرأيت باباً من السماء وقد فتحت ، والملائكة ينزلون كتائب كتائب إلى رأس ال حسين ، وهم يقولون : السلام عليك يا أبا عبد الله ، السلام عليك يا ابن رسول الله ، فبينما أنا كذلك إذا نظرت إلى سحابة قد نزلت من السماء ، وفيها رجال كثيرون ، وفيهم رجل درّي اللون قمري الوجه ، فأقبل يسعى حتى إنكبّ على ثنايا الحسين يقبلهما وهو يقول : يا ولدي قتلوك ، أتراهم ما عرفوك ، ومن شرب الماء منعوك ، يا ولدي أنا جَدّك رسول الله ، وهذا أبوك علي المرتضى ، وهذا أخوك الحسن ، وهذا عمك جعفر ، وهذا عقيل ، وهذان حمزة والعباس ، ثم جعل يعدد أهل بيته واحداً بعد واحد. قالت هند : فانتبهت من نومي فزعة مرعوبة ، وإذا بنور قد إنتشر على رأس الحسين ، فجعلت أطلب يزيد ، وهو قد دخل إلى بيت مظلم ، وقد دار وجهه إلى الحائط وهو يقول : ما لي وللحسين؟ وقد وقعت عليها الهمومات ، فقصت عليه المنام وهو منكّس الرأس» (٤٥٢).
__________________
(٤٥١) ـ الحائري ، الشيخ محمد مهدي : معالي السبطين ، ج ٢ / ١٧٣ ـ ١٧٥.
(٤٥٢) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٤٥ / ١٩٦.