وأمّا ما ورد في السيرة الحسينية ؛ فكثير نذكر منه ما يلي :
١ ـ «أنّ الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، دخل يوماً إلى الحسن عليه السلام فلما نظر إليه بكى فقال له : ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال أبكي لما يصنع بك. فقال له الحسن عليه السلام : إنّ الذي يُؤتي إليّ سَمّ يُدس إليَّ فأقتل به ، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله ، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يَدّعُون أنّهم من أمة جدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وينتحلون دين الإسلام فيجتمعون على قتلك وسفك دمك ...» (٣١).
٢ ـ قال الرضا عليه السلام : «إنّ المحرم شهر كان أهل الجاهلية يُحرِّمُون فيه القتال ، فاستحلت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا ، واُضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهبت ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا ، إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذَلّ عزيزنا بأرض كرب وبلا ... الخ» (٣٢).
ثالثاً ـ كون المكان وعاء للأحداث :
فهو مسرحها الذي تقع عليه ، والقصة أحياناً تحاول أن تشعرنا بالمكان ، والواقع أنّ هناك وظيفة غير مباشرة لعنصري الزمان والمكان من الناحية الفنية ، فهما يعمقان لدى القارئ أو السامع ، الإحساس بالحدث والشخصيات ، بحيث يأتي العرض القصصي أكثر تأثيراً وفاعلية ، فالشخصية التي تمارس الحدث في مكان ، كالجنة أو النار كمكانين لهما دلالات معينة ، تختلف في تأثيرها عن الشخصية التي تتحرك وتعمل من غير ارتباط بمكان ما ، وقد أشار القرآن
__________________
(٣١) ـ البحراني : الشيخ عبد الله بن نور الله : عوالم العلوم ، ج ١٧ / ١٥٤.
(٣٢) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٤٤ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤.