فصاحت وخَرّت مغشية فلما أفاقت قالت : يا شَرّ المجوس ، أما خفت من إله الأرض والسماء ، قتلت ابن بنت رسول الله ، وابن علي المرتضى ، ثم خرجت من عنده باكية ورفعت الرأس وقبلته ووضعته في حجرها ، ودعت نساء يساعدنها بالبكاء عليه وقالت : لعن الله قاتلك. فلما جَنّ الليل غلبها النوم ، فرأت كأنّ الحائط قد إنشق بنصفين ، وكأنّ البيت قد غشيه نور ، وجاءت سحابة فإذا فيها إمرأتان فأخذتا الرأس ، فسألت عنهما فقيل : إنّهما خديجة وفاطمة عليهما السلام. ثم رأت رجالاً وفي وسطهم إنسان وجهه كالقمر ليلة تمامه وكماله ، فسألت عنه. فقيل : محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن يمينه حمزة وجعفر وأصحابه ، فبكوا وقَبّلُوا الرأس ، ثم جاءت خديجة وفاطمة عليها السلام إلى إمرأة شمر (لع) ، وقالتا : تمني ما شئت فإنّ لك مِنّة ويداً بما فعلت ، فإن أردت أن تكوني من رفقائنا في الچنّة ؛ فأصلحي أمرك فإنّا منتظروك ، فإنتبهت من النوم ورأس الحسين عليه السلام في حجرها ، فجاء شمر (لع) لطلب الرأس فلم تدفعه إليه ، وقالت له : يا عدو الله طَلّقْنِي فإنّك يهودي ، والله لا أكون معك أبداً فطلقها ، فقالت : والله لا أدفع إليك هذا الرأس ، أو تقتلني. فضربها ضربة كانت منيتها فيها ، وعَجّل الله بروحها إلى الجنة» (٤٥٥).
٤ ـ زوجة خَوْلِي الأصبحي (النّوَار بنت مالك) :
«روي : أنّ عبيد الله بن زياد (لع) ، بعدما عرض عليه رأس ال حسين عليه السلام دعا بخولي بن يزيد الأصبحي (لع) وقال له : خذ هذا الرأس حتى أسألك عنه فقال : سمعاً وطاعة فأخذ الرأس وإنطلق به إلى منزله ، وكان له إمرأتان : إحداهما ثَعْلَبِيّة ، والأخرى مَضَرِيّة ، فدخل على المضرية فقالت : ما هذا؟
__________________
(٤٥٥) ـ الحائري ، الشيخ محمد مهدي : معالي السبطين ، ج ٢ / ٩٣ ـ ٩٤.