١ ـ الشيخ عبد الله العلايلي (٤٨٨) :
درس الشيخ عبد الله العلايلي التاريخ يثقافة واعية ، وتجرّد وموضوعية وجرأة ، بعيداً عن التعصب الأعمى ، والنزعات المذهبية ، تعاطى مع قضية الحسين عليه السلام بحيادية وتجرد عن الميول والهوى ، قرأ حياة الحسين عليه السلام وحياة يزيد. قرأ سيرة بني هاشم ، وسيرة بني أمية ، وبعد دراسة السيرتين أحصى أعمال الهاشميين ، وإذا بها تدور في حقل الفضائل ، متناهية في حبّ الخير وفعله. وأحصى أعمال الأمويين ؛ فوجدها تدور في حقل الشرّ والحقد ، والإنتقام. والدسائس ، والدهاء. والمكر والقتل. عرض أعمال الهاشميين وتركها تشرق بفضائلها. وعرض أعمال الأمويين تتلفّح بعتمة الشرّ ..
كان منصفاً لم يحاول تجميل خبائث الأمويين ، وتصرفاتهم مثلما فعل كثير من المؤرخين الذين وقعوا في فتنة الأمويين ، فبدّلوا سيئاتهم إلى حسنات ، ودافعوا عن شرورهم ومفاسدهم ، أو ممن كتب بروح عدائية لآل البيت عليهم السلام أمثال : أبي بكر بن العربي ، المتوفي ام (٥٤٣ هـ) ، وعبد الرحمن بن خلدون المتوفي (٨٠٨ هـ) ، صاحب المقدمة التي تضمنت أسساً لكتابة التاريخ ، وما إستطاع أن يعمل بها عند ما كتب عن الحسين عليه السلام ، بل أظهر نصبه وتخبطه في ذلك ، فقد سار هؤلاء على منهاج يزيد ، وابن زياد ، وعمر بن سعد ، إلا أنّهم
__________________
(٤٨٨) ـ علم من أعلام المسلمين اللبنانيين ؛ فهو لغوي ، عريق مجدد ، وأديب مبدع : شعراً ونثراً. وفقيه ومصلح إجتماعي سياسي. ولد في بيروت سنة (١٩٢٤ م) ، الموافق لسنة (١٣٣٥ هـ) ، وتلقى علومه الإبتدائية في مدارس جمعية المقاصد ، ثم تابع تحصيله العلمي في الأزهر الشريف بالقاهرة من عام (١٩٢١ م حتى عام ١٩٢٧ م). ومما ينبغي الإشارة به ، أن الشيخ العلايلي أظهر إهتماماً كبيراً بالدرس والإتجاه بكله إلى العلم ، وإنتفع بتجارب نخبة من الأعلام ، حتى تسنى له أن يصل إلى هذه المكانة من النشاط الثقافي المنقطع النظير ، حتى حاز هذه المنزلة في العالم العربي والاسلامي. وافاه الأجل المحتوم ، مساء الثلاثاء في ٣ كانون الأول سنة (١٩٩٦ م).