احفظها أشدّ من حفظي لبعض ما إفترض الله عَزّ وجَلّ عليّ ، وأنا لا أحلها من طرف كمي ، فبينما أنا نائم في البيت إذ إنتبهت ، فإذا هي تسيل دماً عبيطاً ، وكان كمي قد إمتلأ دماً عبيطاً ، فجلست وأنا باكٍ : قد قتل والله الحسين ، والله ما كذبني عليُ قط في حديث حدثني ، ولا أخبرني بشيء قط أنّه يكون إلا كان كذلك ؛ لأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره ، ففزعت وخرجت وذلك عند الفجر ، فرأيت والله المدينة كأنّها ضباب لا يستبين منها أثر عين ، ثم طلعت الشمس فرأيت كأنها منكسفة ، ورأيت كأنّ حيطان المدينة عليها دم عبيط ، فجلست وأنا باكٍ فقلت : قد قتل والله الحسين ، وسمعت صوتاً من ناحية البيت وهو يقول :
اصبروا آل الرسول |
|
قتل الفرخ النحول |
نزل الروح الأمين |
|
ببكاء وعويل |
ثم بكى بأعلى صوته وبكيت ، فأثبت عندي تلك الساعة ، وكان شهر المحرم يوم عاشوراء لعشر مضين منه ، فوجدت قتل يوم ورد علينا خبره وتاريخه كذلك ، فحدثت هذا الحديث أولئك الذين كانوا معه ، فقالوا : والله لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعركة ، ولا ندري ما هو فكنا نرى إنّه الخضر عليه السلام) (٥١٤).
٣ ـ بإسناده عن جبلة المكية قالت : سمعت ميثم التمار يقول : (والله لتقتلن هذه الأمة ابن نبيها في المحرم ، لعشر مضين منه ، وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة ، وإنّ ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره ، أعلم ذلك بعهد عهده إلى مولاي أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ، ولقد أخبرني أنّه
__________________
(٥١٤) ـ المصدر السابق / ٤٧٩ ـ ٤٨٠ (مجلس ٨٧ ـ حديث ٥).