السؤال دالا على استبطاء تحقق المسؤول عنه ، وهو الاستجابة للدعوة المتكررة.
ومن أمثلة ذلك قوله : «كم انتظرتك؟» ، و «متى يعود السّلام إلى ربوع الوطن؟». ونحو قوله تعالى : (مَتى نَصْرُ اللهِ؟).
ومنه شعرا :
إلام وفيم تنقلنا ركاب |
|
ونأمل أن يكون لنا أوان؟ |
حتى متى أنت في لهو وفي لعب |
|
والموت نحوك يهوي فاتحا فاه؟ |
حتام نحن نساري النجم في الظلم؟ |
|
وما سراه على خف ولا قدم |
طال بي الشوق ، ولكن ما التقينا |
|
فمتى ألقاك في الدنيا؟ وأينا؟ |
متى يشتفي من لاعج الشوق في الحشى |
|
محب لها في قربه متباعد؟ |
٨ ـ الاستبعاد : وهو عدّ الشيء بعيدا حسّا أو معنى ، وقد يكون منكرا مكروها غير منتظر أصلا ، وربما يصلح المحل الواحد له وللاستبطاء. وعلى هذا قد يخرج الاستفهام عن معناه الأصلي للدلالة على استبعاد السائل للمسؤول عنه ، سواء أكان البعد حسيّا مكانيا ، نحو قول شوقي وهو منفيّ في الأندلس : «أين شرق الأرض من أندلس؟» أو بعدا معنويا كمن يقول لمن هو أعلى منه منزلة : «أين أنا منك؟».
ومن أمثلته قوله تعالى : (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ؟) أي كيف يذكرون ويتعظون والحال أنهم جاءهم رسول يعلمون أمانته بالآيات البينات من الكتاب المعجز وغيره فتولوا عنه وأعرضوا؟ فكل هذه قرائن لاستبعاد تذكرهم.
ومن أمثلته شعرا قول جرير في رثاء ابنه سوادة :
قالوا : نصيبك من أجر فقلت لهم : |
|
كيف العزاء إذا فارقت أشبالي (١)؟ |
وقول أبي تمام :
__________________
(١) نصيبك بالنصب لا غير ، لأنه مفعول لفعل محذوف تقديره : احفظ أو أحرز نصيبك.