وقول حسان بن ثابت في مدح الرسول عليهالسلام :
«له همم» لا منتهى لكبارها |
|
وهمته الصغرى أجل من الدهر |
«له راحة» لو أن معشار جودها |
|
على البر كان البر أندى من البحر |
* * *
تلك هي الأغراض والدواعي البلاغية التي تقتضي التقديم والتأخير أحيانا بين المسند والمسند إليه.
ولكن بالإضافة إلى ذلك هناك نوع آخر من التقديم يكون مقصورا على تقديم متعلقات الفعل عليه ، من مثل المفعول والجار والمجرور والحال والاستثناء وما أشبه ذلك.
فالأصل في العامل أن يقدم على المعمول ، فإذا عكس الأمر فقدم المعمول على العامل فإنما يكون ذلك لغرض بلاغي يقتضيه ، وفي هذه الحالة يكون التقديم أبلغ من التأخير. وفيما يلي شيء من البيان لذلك.
تقديم متعلقات الفعل عليه :
١ ـ فمن تقديم المفعول على الفعل قولك : «محمدا أكرمت» والأصل «أكرمت محمدا» ، فإن في قولك بالتقديم «محمدا أكرمت» تخصيصا لمحمد بالكرم دون غيره ، وذلك بخلاف قولك «أكرمت محمدا» ، لأنك إذا قدمت الفعل كنت بالخيار في إيقاع الكرم على أي مفعول شئت ، بأن تقول : أكرمت خالدا أو عليا أو غيرهما. فتقديم المفعول على الفعل هنا قصد به اختصاصه به ، أي اختصاص محمد دون غيره بالإكرام.
٢ ـ ومن تقديم الجار والمجرور على الفعل قوله تعالى : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ،) فإن تقديم الجار والمجرور دل على أن مرجع الأمور ليس إلا لله وحده ، على حين لو وردت الآية من غير تقديم وقيل : «ترجع الأمور إلى الله» لاحتمل إيقاع مرجع الأمور إلى غير الله وهذا محال.
٣ ـ ومن تقديم الحال على الفعل كقولك : «مبكرا خرجت إلى عملي»