تنطق ، وأتم ما تكون مبينا إذا لم تبيّن ... (١)».
ثم يستطرد في الكلام عن إيجاز الحذف فيقول : «والأصل في المحذوفات جميعها على اختلاف ضروبها أن يكون في الكلام ما يدل على المحذوف ، فإن لم يكن هناك دليل على المحذوف فإنه لغو من الحديث لا يجوز بوجه ولا سبب.
ومن شرط المحذوف في حكم البلاغة أنه متى أظهر صار الكلام إلى شيء غث لا يناسب ما كان عليه من الطلاوة والحسن.
* * *
ذكرنا آنفا أن الإيجاز إنما يكون بحذف كلمة أو جملة أو أكثر. وإذا تتبعنا المحذوف في هذا النوع من أساليب الإيجاز فإننا نجده يأتي على وجوه مختلفة منها :
١ ـ ما يكون المحذوف فيه حرفا : نحو قوله تعالى : (قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً)(٢) أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ فالمراد : «تالله لا تفتأ» أي لا تزال ، فحذفت «لا» من الكلام وهي مرادة.
وعلى هذا جاء قول امرىء القيس :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا |
|
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي |
أي : لا أبرح قاعدا ، فحذفت «لا» في هذا الموضع أيضا وهي مرادة.
ومما جاء منه قول أبي محجن الثقفي لما نهاه سعد بن أبي وقاص عن شرب الخمر وهو إذ ذاك في قتال الفرس بموقعة القادسية :
__________________
(١) المثل السائر ص ١٩٨.
(٢) الحرض : مصدر حرض بكسر الراء ، ومعنى الحرض : القرب من الهلاك ، والمراد به هنا الشخص القريب من الهلاك على وجه المبالغة. فالمعنى حتى تكون قريبا من الهلاك أو تهلك فعلا.