ومن الإطناب المعجز ما ورد في قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ـ وَلَنْ تَفْعَلُوا ـ فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ،) فاعتراض بقوله (وَلَنْ تَفْعَلُوا) يفيد استحالة معارضة القرآن والإتيان بسورة من نوعه.
فالإطناب باعتراض كما يبدو من الأمثلة السابقة وعلى اختلاف أغراضه لا يكمّل المعنى فحسب ، وإنما يضفي عليه ظلالا من الحسن. ويمكن إدراك هذه الحقيقة في أي مثال من هذه الأمثلة إذا ما قارنا بين معناه باعتراض ومعناه مجردا منه.
* * *
٨ ـ التذييل : والإطناب بالتذييل هو تعقيب الجملة بجملة أخرى تشتمل على معناها للتوكيد.
وقد تحدث أبو هلال العسكري عن أثر التذييل في الكلام وموقعه منه فقال : «وللتذييل في الكلام موقع جليل ، ومكان شريف خطير ؛ لأن المعنى يزداد به انشراحا والمقصد اتضاحا. والتذييل هو إعادة الألفاظ المترادفة على المعنى بعينه ، حتى يظهر لمن لا يفهمه ، ويتوكد عند من فهمه ... وينبغي أن يستعمل في المواطن الجامعة ، والمواقف الحافلة ، لأن تلك المواطن تجمع البطيء الفهم ، والبعيد الذهن ، والثاقب القريحة ، والجيد الخاطر ، فإذا تكررت الألفاظ على المعنى الواحد توكد عنه الذهن اللقن ، وصح للكليل البليد» (١).
أقسام التذييل :
والإطناب بالتذييل قسمان :
أ ـ تذييل جار مجرى المثل ، وذلك إن استقل معناه واستغنى عما
__________________
(١) كتاب الصناعتين ص ٣٧٣ ، ولقن الكلام بكسر القاف يلقنه بفتحها : فهمه ، واللقن بكسر القاف : الفهم بكسر الهاء ، والاسم اللقانة بمعنى الفهم بسكون الهاء.