يكون مع من ظاهرة كما فى قوله «من اني» عشرون لنا اى من اين او مقدرة كما فى قوله تعالى (أَنَّى لَكِ هذا) اى من اين لك هذا على ما ذكره بعض النحاة.
(ثم ان هذه الكلمات الاستفهامية كثيرا ما تستعمل فى غير الاستفهام) مما يناسب المقام بحسب معونة القرائن (كالاستبطاء نحو كم دعوتك والتعجب نحو (ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ)) لانه كان لا يغيب عن سليمان عليه السلام الا باذنه فلما لم يبصره مكانه تعجب من حال نفسه فى عدم ابصاره اياه.
ولا يخفى انه لا معنى لاستفهام العاقل عن حال نفسه وقول صاحب الكشاف انه نظر سليمان الى مكان الهدهد فلم يبصره فقال مالى لا اراه على معنى انه لا يراه وهو حاضر لساتر ستره او غير ذلك ثم لاح له انه غائب فاضرب عن ذلك واخذ يقول اهو غائب كانه يسأل عن صحة ما لاح له يدل على ان الاستفهام على حقيقته.
(والتنبيه على الضلال نحو (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) والوعيد كقولك لمن يسىء الادب الم اؤدب فلانا اذا علم) المخاطب (ذلك) وهو انك ادبت فلانا فيفهم معنى الوعيد والتخويف ولا يحمله على السؤال.
(والتقرير) اى حمل المخاطب على الاقرار بما يعرفه والجائه اليه (بايلاء المقرر به الهمزة) اى بشرط ان يذكر بعد الهمزة ما حمل المخاطب على الاقرار به (كما مر) فى حقيقة الاستفهام من ايلاء المسؤل عنه الهمزة تقول اضربت زيدا فى تقريره بالفعل وانت ضربت فى تقريره بالفاعل وازيدا ضربت فى تقريره بالمفعول وعلى هذا القياس.
وقد يقال التقرير بمعنى التحقيق والتثبيت فيقال اضربت زيدا بمعنى انك ضربته البتة (والانكار كذلك نحو (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) (اى بايلاء المنكر الهمزة كالفعل فى قوله ايقتلنى والمشرفّى مضاجعى ، والفاعل فى قوله تعالى (أَهُمْ يَقْسِمُونَ) رَحْمَتَ رَبِّكَ ، والمفعول فى قوله تعالى (أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا ،) و (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ.)
واما غير الهمزة فيجىء للتقرير والانكار لكن لا يجرى فيه هذه التفاصيل ولا يكثر كثرة الهمزة فلذا لم يبحث عنه.
(ومنه) اى من مجىء الهمزة للانكار (نحو (أَلَيْسَ اللهُ) بِكافٍ عَبْدَهُ ، اى الله