المراد خصوصية ما ، وهو مقتضى الحال ، مثلا كون المخاطب منكرا للحكم حال يقتضى تأكيد الحكم ، والتأكيد مقتضى الحال ، وقولك له ان زيدا في الدار مؤكدا بان كلام مطابق لمقتضى الحال.
وتحقيق ذلك انه جزئي من جزئيات ذلك الكلام ، الذى يقتضيه الحال ، فان الانكار مثلا يقتضى كلاما مؤكدا ، وهذا مطابق له ، بمعنى انه صادق عليه على عكس ما يقال : ان الكلي مطابق للجزئيات.
وان اردت تحقيق هذا الكلام فارجع الى ما ذكرناه في الشرح في تعريف علم المعاني (وهو) : اى مقتضى الحال (مختلف فان مقامات الكلام متفاوتة) لان الاعتبار اللائق بهذا المقام يغاير الاعتبار اللائق بذاك ، وهذا عين تفاوت مقتضيات الاحوال ، لان التغاير بين الحال والمقام انما هو بحسب الاعتبار ، وهو انه يتوهم في الحال ، كونه زمانا لورود الكلام فيه وفي المقام كونه محلا له.
وفي هذا الكلام اشارة اجمالية الى ضبط مقتضيات الاحوال وتحقيق لمقتضى الحال.
(فمقام كل من التنكير والاطلاق والتقديم والذكر يباين مقام خلافه) : اى مقام خلاف كل منها يعنى ان المقام الذي يناسبه تنكير المسند اليه او المسند ، يباين المقام الذى يناسبه التعريف ، ومقام اطلاق الحكم او التعليق او المسند اليه او المسند او متعلقه يباين مقام تقييده بمؤكد ، او اداة قصر او تابع او شرط او مفعول او ما يشبه ذلك ، ومقام تقديم المسند اليه او المسند او متعلقاته ، يباين مقام تاخيره ، وكذا مقام ذكره يباين مقام حذفه ، فقوله خلافه شامل لما ذكرناه.
وانما فصل قوله (ومقام الفصل يباين مقام الوصل) تنبيها على عظم شان هذا الباب ، وانما لم يقل مقام خلافه لانه احضر واظهر ، لان خلاف الفصل انما هو الوصل ، وللتنبيه على عظم شان الفصل قوله (ومقام الايجاز يباين مقام خلافه) اى الاطناب والمساواة (وكذا خطاب الذكى مع خطاب الغبى) فان مقام الاول يباين مقام الثاني فان الذكى يناسبه من الاعتبارات اللطيفة والمعاني الدقيقة الخفية ما لا